السبت، 15 نوفمبر 2014

دراسة في مستقبل العمارة المصرية......لأستاذ الدكتور/ عبـد البـاقى محمد إبراهيـم

تحميل الملف :
مستقـبلية العمـارة فى مصـر
مراحل الدراسة :
  •  المرحلة الأولى  :  " التحولات التاريخية "
تحديـــد المراحل التاريخية التى مرت بها مصر :
  •  العصر الفرعونى بأقسامه المختلفة من ـــ إلى ــــ .
  •  العصر الرومانـى اليونانــى          من ـــ إلى ــــ .
جـ- العصر الإســلامـــى .
د- الحكـم العثمــانــــى .
هـ- الإحــــتــــلال .
و- العصـر الحديـــــث .


وذلك على أساس إجمال المراحل القديمة وتفصيل المراحل الحديثة على أن توضح فى كل مرحلة وبتركيز شديد على النواحى التالية :
  •  المكـــون الديــنــى .
  •  المكون السياسى ونظام الحكم .
  •  المكون الإجتماعى والعلاقات الإنسانية .
  •  المكون الإقتصادى ومصادر الإنتاج .
  •  المكون التكنولوجى فى الصناعة والبناء .
  •  المكون الخارجى والمؤثرات الدولية .
  •  المكون المكانـى والجغــرافى .
فى كل من المراحل السابقة  :
توضح نماذج ممثلة للأنواع التالية من العمارة وذلك بالرسم والصورة :
  •  العمـــارة الدينيــة .
  •  العمـــارة الرسميــة .
  •  العمارة الشعبية والإسكان .
موضحاً عليها الجوانب التالية :
  •  الجانب الوظيفى .
  •  الجانب الإنشائى .
  •  التعبير المعمارى .
  •  العناصر المعمارية .
  •  الجانب التكولوجى .
ملاحظات هامة :
  •  يوضع جانب الرمز رقم ويكتب بيان بما هو مرتبط بهذا الرقم
مثـــال :
  •  أنبياء / أحداث دينية سواء محلية أو عالمية
  •  الطوفان .
  •  النبى إبراهيم الخليل عليه السلام .
  •  النبى موسى .
  •  المسيح .
  •  محمد صلى الله عليه وسلم .

  •   حكام – ملوك
  •  الملك س س
  •  الملك ص ص
  •  الملك ع ع
  •  شخصيات تاريخية / فنية / هندسية / معمارية / أدبية / عسكرية /أسطورية
  •  القائـد س
  •  المهندس ب
  •  الشاعـر ك
    •  إشارة إلى أبرز أثر معمارى وفنى فى هذا الزمن
  •  حدائق بابل المعلقة ( يوضع الرقم أيضاً على الصورة للإستدلال )
  •  الزيجورات .
  •  إيوان الملك س س
  •  مسجـــد ك ك
      إشارة إلى حضارات فى أماكن أخرى واكبت الفترة
  •  الحضارة الفرعونية ( زمن الفرعون.......).
  •  الحضارة الفرعونية ( زمن الفرعون.......).
  •  الحضارة الحيثيـة  ( زمن ..............).
  •  الحضارة الفينيقية.
  •  الحضارة البابلية .
  •  الحضارة الأشورية .
  •   الحضارة الفارسية .
  •  الحضارة البزينطية.
    •   إشارة إلى حدث تاريخى وقع ( حرب- غزوة – مجاعة – وباء – إختراع  )
  •  حرب ............
  •  حرب ............
  •  فتح ..............
  •  سقوط أورشليم .
  •  وباء الطاعون .
  •  إختراع اّلة البخار .
  •  لا يشترط فى البرنامج الزمنى أن يكون مقسماً بدرجة زمنية متساوية ولكن يمكن تغيير الفترة حسب أهميتها ولكن مع كتابة التاريخ وكلما كانت التواريخ المذكورة تفصيلية كلما كانت أفضل .
  •  يرجى الإشارة أولاً إلى المراجع التى اشتقت منها المعلومات المقدمة بحيث تشمل الإشارة إسم المؤلف وإسم المرجع والصفحة وسنة إصدار المرجع .





جامعـة الأمـم المتحـدة بطوكيـو
المستقبلات العربية البديــلــة

عوامل الوحدة والتنوع فى العمارة العاصرة
ومدى ملائمتها للعصر
( دراسة خاصة بدول المشرق العربى )
  1.  مقـدمـــة :
كانت العمارة على مدى العصور هى المراّة التى تنعكس عليها حضارات الشعوب بخصائصها الدينية والإجتماعية والثقافية والسياسية التى تتغير من زمان لاّخر ومكان لاّخر صعوداً أو هبوطاً مع حركة التاريخ بمؤثراته الداخلية والخارجية ،ومع حركة الحياة المتغيرة تتطور الخصائص الحضارية للمجتمع  يثبت منها ما يثبت ويتغير منها ما يتغير ، وذلك فى وجود خط الربط الحضارى الذى يصل فيما بين المراحل التارخية المتتالية وهو الخط الذى يرسب فى وجدان الإنسان وتكوينه الثقافى أو يظهر فى الخصائص البيئية للمكان أو فى تأثير المادة على البنيان فهو الخط الذى يحدد عوامل الوحدة فى العمارة المحلية لكل مكان .
وإذا كان خط الربط الحضارى يصل بين المراحل التاريخية المتتالية لكل دولة أو مكان فهناك خطوط ربط حضارية أخرى تصل ما بين الدولة المعنية والدول المحيطة بها فى كل مرحلة من مراحل التطور التاريخى وهذا ما يعبر عنه بالمؤثرات الخارجية على الخصائص الحضارية فى كل فترة من الفترات التاريخية وهذه المؤثرات تضعف بضعف وسائل الإتصال الثقافى والسياسي والإجتماعى والإقتصادى وتقوى بقوتها وهنا يمكن متابعة الخصائص المعمارية لكل مرحلة من واقع الخط الحضارى الرابط للمراحل التاريخية لكل منطقة والخطوط العريضة المؤثرة من الخارج فى كل مرحلة .
وتتميز المراحل التاريخية المتتالية بزيادة مضطردة فى معدلات التحول الحضارى وذلك بسبب الطفرات العلمية والتكنولوجية التى تتعرض لها البشرية ، وإذا كانت معدلات التطور فى العصر ما قبل الإسلام بطيئة فإنها بدأت تسرع بزيادة حركة الإتصال بين شعوب المنطقة ، ومن ناحية أخرى زيادة منجزات التكنولوجيا المعاصرة سواء أكانت محلية أو خارجية ، الأمر الذى يجعل عملية التبصر بمستقبل العمارة فى العالم العربى عملية معقدة تتفاعل فيها العديد من العوامل لذلك فإن قرائتنا لتاريخ الحضارة فى منطقة المشرق العربى لابد وأن تتخذ اسلوباً اّخر أو تعتمد على منهج اّخر من المتابعة والتقويم والربط بين الإنسان والعمران فى جميع مراحل تطوره حتى يمكن التبصر بمستقبله .
من هذا المنطلق فإن دراسة هذا الموضوع تتم على أساس ربط المقومات الحضارية فى كل منطقة جغرافية من الشرق العربى على مدى الحقبات التاريخية المتتابعة بالخصائص المعمارية لكل منطقة فى كل حقبة ، لذا فإن الخلفية التاريخية للتطور الحضارى المعمارى فى المنطقة لابد وأن تشمل كل من المكون الدينى للمجتمع ثم المكون السياسى ونظام الحكم ومصادر الدخل والإنتاج ثم المكون التكنولوجى خاصة فى صناعة أو حرفية البناء ثم المكون الخارجى والمؤثرات الدولية واخيراً المكون الجغرافى أو البيئى للمكان ، يلى ذلك متابعة التطور التاريخى فى كل حقبة زمنية لكل من العمارة الشعبية والرسمية والدينية من حيث مكوناتها الوظيفية والإنشائية والتعبيرية أو التشكيلية والعناصر المعمارية والمعطيات التكنولوجية المتوفرة ومع التحول المضطرد فى سرعة التحولات الحضارية فإن الإجمال وارد بالنسبة للمراحل التاريخية الشديدة القدم بحيث يزيد تفصيلاً كلما قربت المرحلة التارخية حتى الوقت الحاضر الذى تظهر فيه المعالم التاريخية والمعمارية أكثر وضوحاً وأشمل تفصيلاً .
والعمارة فى كل المراحل هى الصورة العمرانية التى تتميز بها التجمعات السكنية ، وليست بالضرورة النماذج المختارة للمبانى ذات الأهمية الخاصة التى تشير إليها كتب التاريخ فى كثير من الأحيان فالعمارة هنا هى عمارة المجتمع بكل طبقاته وفئاته ، هى العمارة الشعبية والرسمية معاً ، هى عمارة المعماريين وغير المعماريين معاً.. هى عمارة المدينة وعمارة القرية ، هى العمارة التى تمثل الغالبية العظمى لمجتمع ما فى حقبة زمنية معينة ، والتى من صورتها يمكن إستقراء الخصائص الإجتماعية والإقتصادية والثقافية لهذا المجتمع .
وإذا كان المشرق العربى عاش دولاً متفرقة فى مراحل ماقبل التاريخ وإذا كانت المؤثرات العرضية بين دول هذه المنطقة لم تتضح معالمها إلا فى المراحل المتقدمة من التاريخ حتى ظهور الإسلام ، ليس كمدينة فقط ولكن كحضارة متكاملة متحركة ربطت بين دويلات المنطقة وشعوبها ، هنا تتأكد الخطوط العريضة التى ربطت بين عمارة الشرق العربى فى هذه الفترة التاريخية الهامة وإن كان الخط الحضارى الرابط بين المراحل السابقة فى كل دولة لم ينقطع وفى كل الحالات كان للبيئة المحلية لكل مكان فى المشرق العربى بصماتها المميزة على  العمارة المحلية وخاصة العمارة الشعبية التى إرتبطت دائماً بالبيئة الطبيعية فلم تظهر السمات المعمارية المميزة لمرحلة ما بعد ظهور الإسلام إلا فى المراحل المتأخرة عن صدور الإسلام فلم يكن للدعوة الإسلامية فى مراحلها الأولى هدف إلا نشر الدعوة لبناء الإنسان الفاضل قبل بناء العمران أو الجاه والسلطان ، من هنا فإن ربط العمارة بالإسلام فى المراحل التالية للعصر الإسلامى يعتبر من باب الإصطلاح أوالتمييز حيث ظهرت نماذج  فريدة من العمارة الدينية فى المساجد أو التجارية فى الأسواق أو التعليمية فى المدارس أو العامة فى الخانات ومبانى الخدمات أو السكنية فى القصور والوكالات ويعنى ذلك إن إقتصار هذا الاصطلاح بربط العمارة بالإسلام على مرحلة فترة زمنية محددة ليس له سند علمى قوى ... فالإسلام كحضارة متحركة تصلح لكل زمان ومكان لم يتوقف بإنتهاء الفترة التاريخية المتميزة... بل هو مستمر كحضارة وإن كانت قد اضعفته بالغزوات الغربية أو الشرقية سواء كانت هذه الغزوات عسكرية أو ثقافية أو اقتصادية الأمر الذى لا تزال تعانى منه منطقة الشرق العربى حتى الأن ، وهو ماتظهر أثاره على العمارة المعاصرة الممثلة لكل المستويات والقطاعات الخاصة والعامة ، فالمؤثرات الخارجية هنا وضحت أثارها على الإنسان العربى قبل أن تظهر على عمارته الأمر الذى يؤكد أن التأثير الحضارى على العمارة يبدأ بعد التأثير الحضارى على الإنسان ، من هنا يتضح المنهج العلمى لهذا البحث فالتبصر بمستقبل العمارة العربية فى المشرق العربى يبنى فى ضوء التبصر بمستقبل الانسان العربى فى هذة المنطقة أولا وبعد ذلك يمكن تصور الملامح المستقبلية للعمارة فيها .
وإذا كان الإسلام الذى ظهر فى منطقة المشرق العربى قد خط خطا عميقاة بين فترتى ما قبل الإسلام وما بعده ، ولما كان الإسلام الذى شمل المشرق العربى كحضارة قد إرتبط بالعربية كلغة ونسب وإنتماء فإن المسمى للعمارة فى المرحلتين التاريخيتين الأساسيتين فى المشرق العربى يمكن أن يكون عمارة فى المشرق العربى قبل الإسلام والعمارة العربية بعد الإسلام حتى اليوم وغدا مادام الإسلام حضارة مستمرة لكل مكان وزمان فى المشرق العربى وهو موضوع الدراسة .
إن الدراسة بهذا المنهج وهذا المفهوم لن تحاول أن تدعو إلى ضرورة العودة إلى المقومات الحضارية للإنسان العربى فى الدولة الإسلامية المعاصرة بهدف تأصيل القيم الحضارية فى العمارة المعاصرة وإتصال ما أنقطع منها بين الماضى والحاضر ولكنها سوف تحاول متابعة المسار الحضارى الذى تأثر به الإنسان فى المشرق العربى مع متابعة المسار الذى تأثرت به العمارة فى هذه المنطقة بهدف إستنباط الملامح المستقبلية لهذا الإنسان ثقافياً وإقتصادياً وإجتماعياً ومن ثم إستباط الملامح المستقبلية للعمارة وظيفياً وإنشائياً وتشكيلياً وتكنولوجياً .
والعمارة فى منطقة المشرق العربى فى الوقت الحاضر كما هو فى كل مكان تتأثر مباشرة بالعديد من العوامل ، فتتأثر العمارة الشعبية بالوعى الحضارى لدى الجماهير وهو يختلف من مكان لاّخر بإختلاف المستويات الثقافية والإجتماعية والإقتصادية معاً ، وهنا تظهر التباينات بين هذه المستويات فى المجتمع العربى فإرتفاع فى المستوى النظامى مصحوب بإنخفاض فى المستوى الإقتصادى وهبوط فى المستوى الثقافى مصحوب بإرتفاع فى المستوى الإقتصادى وهكذا ... وهو ماينعكس بالتبعية على المستوى المعمارى خاصة فى الإسكان الخاص الذى تتجاذبه متطلبات المالك ومستواه الحضارى من ناحية ونزعات المعمارى ومستواه الثقافى والعلمى من ناحية أخرى.
وهكذا تعبر العمارة العربية المعاصرة فى الشرق العربى عن مجموعة كبيرة من التبادل والتوافيق بين هذه المتغيرات وتنمحى بذلك الشخصية العامة التى تتجانس فيها المستويات الثقافية بالمستويات الإقتصادية والإجتماعية عند الجماهير ، وبالتبعية تتجانس المستويات العمرانية شكلاً وموضوعاً .
أما العمارة الرسمية فتتأثر بالوعى الحضارى لدى متخذى القرارات من ناحية والمستوى الثقافى والعلمى للمعمارى من ناحية أخرى بغض النظر عن الجانب الإقتصادى الذى لا يمكن إعتباره عاملاً مؤثراً على المستوى المعمارى من ناحية الشكل أو الأداء .
والمستوى الثقافى والعلمى للمعمارى يتأثر بالتبعية بالمنهج التعليمى الذى سلكه من ناحية والتنظيم المهنى الذى ينتمى إليه من ناحية أخرى قوة أو ضعفاً ، وهذا مجال اّخر لابد من متابعته بين  الماضى والحاضر لتحديد ملامح المستقبل .
وبهذا المفهوم تحدد المنهج العلمى لمعالجة هذا الموضوع وبدأت الدراسات التفصيلية لكل منطقة فى المشرق العربى والمناطق هنا قد تحددها المعالم الجغرافية أو الحدود السياسية أو كليهما معاً ، من هنا تم تقسيم الشرق العربى إلى عدة مناطق متميزة حضارياً وهى :-
المنطقة الأولى : مصر والسودان
المنطقة الثانية : سوريا والعراق والأردن وفلسطين ولبنان .
المنطقة الثالثة : السعودية واليمن وحضرموت .
المنطقة الرابعة : الكويت والبحرين وقطر ودولة الإمارات العربية وعمان .
وفى ضوء هذه التقسيمات الجغرافية السياسية بدأ جمع البيانات الأساسية كأساس للتحليل والمقارنة والمتابعة على طول هذه الدراسة .
  1.  التفاعلات الحضارية فى عمارة الشرق العربى :
2-1 العمارة العربية المعاصرة فى المشرق العربى تعتبر حصيلة التفاعلات الحضارية التى تمت فى المنطقة على مدى تاريخها الحضارى الطويل ... ويظهر هذا التفاعل فى التقسيم المميز لمعظم التجمعات السكنية فى المنطقة.. حيث تنفصل المدينة القديمة بأسوارها وما بقى من مبانيها التاريخية عن المراحل المعمارية المتتايعة خارج الأسوار وإذا كان هذا التقسيم العام واضحاً فى معظم المدن إلا أنه يختلف فى تفاصيله المعمارية من مدينة إلى أخرى تبعاً لموقعها الجغرافى ومراحل تاريخها السياسى والتكوين الحضارى لمجتمعاتها .
2-2 ومن ناحية أخرى يمكن تقسيم التفاعلات الحضارية فى عمارة الشرق العربى إلى مراحل تاريخية متميزة المرحلة الأولى منها قبل التاريخ وهى مرحلة تهم الاّثريين والمؤرخين أكثر مما تهم المعماريين نظراً للبعد الزمنى الكبير لهذه المرحلة ، ثم المرحلة المتميزة الثانية وهى المرحلة التاريخية قبل الميلاد أو بعده وهى تتكون من مراحل متتالية تتابعت على فترات زمنية طويلة إرتبطت كل مرحلة فى جذورها بالمراحل السابقة وأمتدت اّثارها إلى المراحل التالية وذلك فى تفاعلات حضارية طويلة الزمن عميقة التأثير محدودة المكان ، وهنا تظهر التفاعلات المعمارية المحلية أكثر وضوحاً من التفاعلات الخارجية .
2-3 وتختلف هذه التفاعلات من منطقة جغرافية إلى أخرى تبعاً لتعرضها للتقلبات التاريخية فعندما كانت مصر تتأثر بالحضارة الفرعونية ثم اليونانية والرومانية حتى ظهرت الحضارة الإسلامية تأثرت المناطق المحيطة بها فى السودان جنوباً بالحضارة الفرعونية وشمالاً فى الشام ( فلسطين وسوريا والأردن ولبنان ) ببعض المؤثرات الحضارة الفرعونية ثم بنفس المؤثرات الخارجية للحضارة اليونانية والرومانية حتى ظهور الحضارة الإسلامية وعلى الجانب الشرقى فى أرض ما بين النهرين ظهرت الحضارة الأشورية منفصلة عنها ومتزامنة مع الحضارة الفرعونية ثم تبعتها حضارات أخرى منفصلة ومتزامنة مع الحضارة الفرعونية التى قل تأثيرها شرقاً.. حتى ظهور الحضارة الإسلامية وفى الجزيرة العربية عاشت المنطقة مراحل تاريخية متتالية محدودة الاّثار المعمارية بعيدة عن مؤثرات الحضارات المتزامنة فى مصر والشام أو أرض ما بين النهرين إلى أن ظهرت الحضارة الإسلامية التى تمثل المرحلة المتميزة الثالثة .
2-4 يتضح من التتابع التاريخى أن التفاعلات الحضارية فى عمارة الشرق العربى أخذت الصيغة المحلية إلى أن ظهرت الحضارة الإسلامية كمؤثر عام شمل كل مجتمعات المشرق العربى وبعدها بدأ الإرتباط الحضارى بينها سياسياً وإقتصادياً وإجتماعياً وعمرانياً..بدأت تظهر اّثار التفاعلات الحضارية الإسلامية على عمارة المنطقة بدأ بعمارة المساجد ثم بالعمارة الرسمية حتى العمارة السكنية والشعبية فإنتقلت الملامح المعمارية للدول الإسلامية المتتالية من مراكز الحكم أو الولاية إلى سائر إنحاء الدولة مع إنتقال الإمارة والولاة التابعين لها..وهنا تدخل منطقة المشرق العربى فى حدود الدولة الإسلامية بجناحيها فى الشرق والغرب ، وهكذا تظهر التفاعلات الحضارية فى عمارة المشرق العربى واضحة المعالم بين دول المنطقة فى هذه الفترة التاريخية حتى ظهور الدولة العثمانية وما يتبعها من غزوات وإستعمار سياسى أو إقتصادى أو ثقافى وهو ما يحتل المرحلة المتميزة الرابعة والتى لا تزال اّثارها الجانبية مستمرة حتى الأن .
2-5 وإذا كانت التفاعلات الحضارية فى عمارة المشرق العربى فى المراحل الثلاثة الأولى قد إنحصرت داخل المدن القديمة إلا أن اّثار التفاعلات الحضارية فى المرحلة الرابعة ظهرت اّثارها على عمارة المدن خارج الأسوار ثم إنعكست بعد ذلك على العمارة داخل الأسوار وإزدادات اّثار هذه التفاعلات فى هذه المرحلة مع زيادة السرعة فى وسائل الإتصال سواء على المستوى المحلى للمنطقة أو المستوى الدولى مع العالم الخارجى ، ومع ضعف الإستمرار الحضارى الإسلامى فى هذه المرحلة بدأت المنطقة تتعرض لغزوات حضارية وثقافية أثر الغزوات العسكرية والسياسية إنعكست اّثارها على مختلف جوانب الحياة الإجتماعية والثقافية وفى مقدمتها العمارة حيث إنتقلت إلى المنطقة قادمة من الغرب بأساليب جديدة فى البناء وأنماط جديدة من التصميمات وعناصر جديدة من المفردات المعمارية تجمعت فى القوالب المعمارية التى تميزت بها كل فنرة من هذه المرحلة وصحب ذلك دخول الفكر الغربى إلى العملية التعليمية والمهنية ليس فقط فى التصميم المعمارى بواسطة المعماريين الأجانب ولكن دخل أيضاً فى تكوين المعمارى العربى نفسه سواء فى المدارس المعمارية المحلية أو بالإنتماء إلى المدارس المعمارية الأجنبية فى فرنسا وانجلترا وإيطاليا... وانتقل بذلك الفكر المعمارى الغربى إلى المنطقة ليشكل عمارة المدينة العربية المعاصرة خارج أسوار المدن القديمة وكانت أقرب المصادر المعمارية إلى المنطقة فى فرنسا وإيطاليا واليونان.. حتى انتقلت منها تعابير المهنة وألفاظها .
2-6 وإذا كان هناك وحدة فى التعبير المعمارى فى العصور الإسلامية ربطت بين عمارة الأقطار الإسلامية المختلفة فى المشرق العربى وإن أختلفت فى تفاصيلها المعمارية التى تأثرت بطرق التشييد ومواد البناء التى إستعملت على مر العصور السابقة فإن وحدة التعبير المعمارى فى المرحلة التاريخية الرابعة التى ضعف فيها الإستمرار الحضارى الإسلامى جاءت نتيجة لوحدة المصادر الغربية لوسائل البناء والتشييد مع وحدة المتطلبات الإجتماعية الجديدة التى صاحبت الغزوات الحضارية على المنطقة وكادت تقضى على المقومات الحضارية الإسلامية وإذا كانت وحدة  التعبير المعمارى فى العصور الإسلامية المتتابعة قد ظهرت فى المبانى الدينية من المساجد والمدارس فقد ظهرت أيضاً فى المبانى العامة والرسمية كما ظهرت فى العمارة السكنية التى إرتبطت بنسيج عمرانى يعبر عن العلاقات الإنسانية المترابطة للمجتمع  فإن وحدة التعبير المعمارى فى العصور اللاحقة والتى ضعف فيها الإستمرار الحضارى الإسلامى ظهر أكثر ما ظهرت على العمارة الرسمية للمبانى العامة كما ظهرت فى العمارة السكنية التى إرتبطت بنسيج عمرانى جديد يعبر عن العلاقات الإنسانية المتحللة للمجتمع بل وساعدت على تفكك هذه العلاقات بالإضافة إلى تدمير وسائل النقل والإتصال الحديث لما تبقى من هذه العلاقات الإجتماعية وبذلك فقدت العمارة العربية أصولها المتوارثة كما فقدت المجتمعات العربية أصالتها الإجتماعية والثقافية .
2-7 والعمارة فى كل المراحل التاريخية التى مرت بها المنطقة هى من صنع الإنسان سواء المكلف من قبل الوالى أو الحاكم ،بالنسبة للمبانى الرسمية والعامة أو المكلف من قبل الفرد صاحب العقار بالنسبة للعمارة الشعبية ، وفى كلا الحالتين يتحرك الإنسان المكلف بالبناء من منطلق رغبات الوالى أو الحاكم أو الفرد صاحب العقار ...وكل يعبر عن متطلباته وتطلعاته من واقع تكوينه الثقافى والحضارى وتبدأ عمليات البناء من صنع الإنسان سواء بيده التى تعبر عن إحساسه بالمادة أو مقدرته التى تظهر فى إتقانه وإخلاصه للعمل وهذا ما تميزت به عصور ما قبل الثورة الصناعية أو سواء بالاّلة التى إبتكرها غيره لمساعدته على أداء عمله فى البناء توفيراً للوقت والجهد والذى أصبح ظاهرة إجتماعية إقتضتها متطلبات السرعة فى الحركة والإنتقال والإتصال ، ومن هنا فإن التفاعل الحضارى بين المعماري والصانع والمادة فى ضوء المستوى الثقافى والحضارى لصاحب العقار مشكلاً فى الصيغة النهائية للعمارة بكلياتها وجزئياتها بعموميتها وتفاصيلها ، فالعمارة إذن هى نتاج مشترك للمعمارى والصانع وصاحب الأرض .
  1.  العوامل المشكلة للعمارة العربية فى المشرق :
3-1 لقد إرتبط التشكيل المعمارى فى الفترات الأولى من التاريخ أساساً بمادة البناء المحلية وبتكنولوجيا التشييد التى إبتكرها الإنسان فى هذه الأزمان ثم بالتصور الفراغى للمعمارى لهياكل المبانى الرسمية أو الدينية تلبية لرغبات الحاكم أو الوالى أو بالتصور الفراغى لعامل البناء الماهر لهياكل المبانى السكنية تلبية لرغبات صاحب الارض..والفن المعمارى فى هذه المراحل كان يخضع إلى المواهب الخاصة التى تمت مع الممارسة الطويلة بالتعامل مع مادة البناء وإستيعاب خواصها الطبيعية وخصائصها الهندسية وإتقان الصنعة فالتشكيل المعمارى وإن كان يبدأ بالرسومات المبدئية فهو يتم بإستمرارية التعايش مع المادة أثناء عمليات البناء ومن هنا يظهر العامل الانسانى واضحاً فى التعبير الشكلى أو الفراغى أو يظهر واضحا أيضاً فى دقة التفاصيل وتجانسها فالمعايشة المستمرة مع المبنى أثناء مراحل بنائه هى العامل الرئيسى الذى كان يشكل العمارة فى المراحل التاريخية المتلاحقة حتى ظهور الصياغة التى إنعكست اّثارها على المنطقة من خلال الغزوات العسكرية والسياسية  والثقافية .
3-2 فالتعايش المستمر مع المبنى سواء من قبل المعمارى أو رئيس البنائين المكلف من قبل الوالى أو الحاكم أو صناع البناء المكلفين من قبل أصحاب المبانى السكنية إلا أن لأصحاب المبنى دور بارز فى هذه المعايشة... فإن كان المعمارى أو رئيس البناء من حاشية الوالى أو الحاكم يتداول معه الرأى ويناقشه فى منجزات الغير من حكام أو ولاه سواء نقلاً عن روايات المبعوثين أو تأثيراً شخصياً بما رأوا بأنفسهم من عمارة الأخرين ، من هنا خلفت المعايشة المستمرة مع المبنى أثناء مراحل بنائه من قبل المعمارى وصاحب الشأن حساً واعياً لدى كل من المعمارى وصاحب الشأن وهذا هو الأهم فهو صاحب القرار النهائى فى عمليات البناء .
3-3  وإذا كانت المعايشة فى عمليات البناء هى صورة من صور وحدة الفكر فى التشكيل المعمارى لعمارة المنطقة فإن عامل التنوع يتأثر بالمكان وما يوفره من مواد صالحة للبناء ففى مصر والشام كان البناء بالحجر الآجر الذى أستدعى بحوراً قصيرة بين الاعمدة كما فى المعابد الفرعونية واليونانية أو العقود والقباب كما فى العمارة الرومانية والإسلامية ، وفى أرض ما بين النهرين فى العراق كان إستعمال الطابون كما ظهر فى العمارة الأشورية والإسلامية واستمر تعبيره إلى الوقت الحاضر مع إختلاف الإستعمال فى الحوائط أو التجميل وفى الجزيرة العربية كغيرها من المناطق الصحراوية كان إستعمال الطين المختلط بالرمل إمتداداً رأسياً لطبيعة الأرض بلونها وملمسها وصغرت الفتحات وأستعملت الأقبية والقباب فى بعض الأحيان وجزوع الاشجار والنخيل فى أحيان أخرى مكونة كتلاً معمارية متلاصقة تعبيراً عن الترابط الإجتماعى والأمن وتحقيقاً لقسوة المناخ وهى صورة لعمارة الصحراء فى كل مكان .
3-4  مع المعايشة المستمرة مع مراحل البناء التى تلعب فيها مهارة الصانع دوراً واضحاً فى التشكيل المعمارى بكلياته وجزئياته مع إرتقاء الوعى الحضارى للبناء الذى نمى عند العامة والخاصة لم يقتصر التشكيل المعمارى على الهيكل البنائى فقط ولكنه إرتبط بصورة متكاملة مع متطلبات المبنى من أثاث مبنى أو مكملات ترويحية أو جمالية ، الأمر الذى ظهر جلياً فى العمارة الإسلامية والتى تعبر تعبيراً صادقاً على أن البناء الداخلى للفراغات والمتطلبات المعيشية هو أساس التشكيل المعمارى الذى ينشأ عنه الغلاف الخارجى للمبنى فالتشكيل المعمارى هنا كان تشكيلاً داخلياً يبدأ من الداخل إلى الخارج أكثر فيه تشكيلاً حجمياً يبدأ من الخارج إلى الداخل كما فى بعض التعبيرات المعمارية المستحدثة ، فقد كانت عمليات البناء تتم من الداخل إلى الخارج خاصة مع تلاصق المبانى بعضها ببعض الأمر الذى تختفى معه الواجهات أو التكوينات الحجمية للمبنى ككيان مستقل لا ينفصل ، لذلك نجد أن العمارة الإسلامية والعمارة الصحراوية غنية من الداخل وأكثر إرتباطاً بسكانها وأقل تجرداً فى الخارج .
3-5  بدأت المعايشة المستمرة بين المعمارى أو رئيس البنائين والمبانى التى يشيدونها بالتعاون مع أصحابها ووضوح الجانب الإنشائى فيها ، بدأت تختفى بظهور الثورة الصناعية وسيطرة الاّلة على إنتاج الإنسان وحركته وسلوكياته الحياتية الأمر الذى إنعكس بالتبعية على قيمه الحضارية والفكرية ، وبإختفاء هذا التعايش بين المعمارى والمبنى اختفت اللمسات الانسانية فى كليات العمارة وجزئياتها وأصبح المبنى مركب تكنولوجى من عناصر إنشائية ومواد بنائية وتجهيزات فنية تغلب الجانب الهندسى على القيم الفنية التى إنحصرت فى التشكيلات الحجمية والشكلية الخارجية .
3-6  مما سبق يتضح أن تشكيل العمارة فى منطقة المشرق العربى كغيرها من المناطق يخضع إلى عوامل مترابطة ومتكاملة وليس لعامل واحد أو أكثر ، وهذه العوامل المترابطة تعتبر مزيجاً من مؤثرات العوامل السياسية والإقتصادية والثقافية والإجتماعية والبيئية السائدة التى تنعكس على المعمارى أو رئيس البنائين من جانب وصاحب البناء من جانب اّخر.. من هنا يأتى التشكيل المعمارى معبراً عن قدرة المعمارى أو رئيس البنائين وقدره فى المجتمع كما تعبر عن الوضع الحضارى والثقافى لصاحب الملك الممثل للمجتمع الكبير ، من هنا يمكن قراءة الملامح السياسية والإقتصادية والإجتماعية والثقافية للمجتمع من خلال النسيج العمرانى للمجتمع السكنى الذى يعيش فيه  فمستقبل العمارة إذن لا يعتمد على قدرة المعمارى فنياً وعلمياً وتنظيمياً بقدر ما يعتمد على وضع المجتمع حضارياً أو ثقافياً وإقتصادياً وإجتماعياً مع ما يرتبط لذلك من تقدم علمى وتكنولوجى من ناحية وإرتباط بالجذور الحضارية للمجتمع من ناحية أخرى .
  1.  بناء المعمارى العربى : التعليم والبحث العلمى
4-1  يتأثر مستقبل العمارة فى المشرق العربى وعلى المدى البعيد بتكوين المعمارى العربى الذى يتبلور فى المدارس والكليات أولاً ثم بالممارسة بعد ذلك أو بالبحث العلمى والدراسات الاكاديمية ويتأثر بناء المعمارى العربى من داخل المعاهد العلمية بالمناهج العلمية والاتجاهات المعمارية الاكاديمية التى تختلف باختلاف الخلفية العلمية للأساتذة والموجهين ، كما يتأثر بناء المعمارى  من خارج المعاهد العلمية بما يشاهده على الطبيعة من أعمال معمارية هى فى الواقع نتيجة تفاعل فكر المصمم وثقافة صاحب العمل وهو تفاعل غير متوازن فى العديد من الدول النامية ومنها دول المشرق العربى ، هذا بالإضافة إلى ما يقرأه المعمارى أثناء مرحلة الدراسة وما بعدها من مؤلفات أو دوريات معمارية ومعظمها يعبر عن فكر غريب عن المجتمعات المحلية ثقافياً وبيئياً ، اللهم إلا النظر القليل من المؤلفات العربية والتى لا يمكن تقويمها إلا إنها مجرد ترجمات هزيلة للفكر الغربى ولا يستثنى من ذلك إلا القليل جداً من الكتب والمجلات المعمارية .
4-2  لقد بدأ بناء المعمارى فى المشرق العربى كجزء من بناء المهندس وإستمر هذا المفهوم فى معظم الجامعات العربية كما هو الحال فى جامعات القاهرة وعين شمس والأسكندرية وبغداد ودمشق وحلب والأردن والخرطوم وبيروت ، وإن كان بعضها قد بدأ فى إنشاء كليات معمارية تضم أقسام العمارة وتصميم البيئة والتخطيط العمرانى كما هو فى جامعة البترول بالدمام والملك فيصل فى الدمام والملك عبد العزيز بجدة ، فلا يزال مفهوم البناء العلمى للمعمارى يدور فى فلك العلوم الهندسية حتى أن المعمارى العربى يحمل مسمى المهندس المعمارى ، وهنا يتعرض بناء المعمارى العربى إلى مجموعة من المواد الهندسية والرياضية والكيماوية والميكانيكية التى تفقده قدراً من الثقافة المعمارية بجوانبها الوظيفية والتشكيلية والتراثية .. كما يتعرض بناء المعمارى العربى أيضاً إلى مجموعة متابينة من النظريات المعمارية والتخطيطية المشتقة من الفكر الغربى ورواده فى عالم العمارة والتخطيط العمرانى ، الأمر الذى يساعد على الإنفصام الفكرى بين المعمارى العربى فى مرحلة بنائه وبين الواقع البيئى والإجتماعى والإقتصادى الذى يعيش فيه ، وتصبح النظرية لديه خيالاً لايرتكز على قاعدة من الواقعية .
4-3  كما يتعرض بناء المعمارى العربى إلى مجموعة من النظم الإدارية التى تراعى بعضها فى بعض الدول العربية ، إستعداد الطالب وقدراته الفنية التى تصلح للتعليم المعمارى بينما لا تراعى هذه النظم فى البعض الأخر هذا الإستعداد أو القدرات ويصبح التعليم المعمارى مجرداً من هذه الشروط الأساسية فى التكوين الشخصى لطالب العمارة ، من هنا تصبح العملية التعليمية المعمارية قائمة على التلقين أكثر منها على الإبتكار ، وتتخرج بذلك أجيال ضعيفة من المعماريين لا يلبثوا أن يدخلوا الحياة العملية فاقدين لأصول المهنة فتخرج عماراتهم فى الطبيعة بسرعة كبيرة لا تعبر إلا عن أنماط مكررة من الفكر المعمارى الممسوخ لذى يأخذ بشرط تراخيص البناء قبل أن يأخذ بالقيمة المعمارية التى تناسب البيئة المحلية ثقافياً وإجتماعياً وإقتصادياً وهنا قد يترك الأمر كله لصاحب الأمر المسئول عن منح تراخيص البناء فى اجهزة البلديات المحلية .
4-4  وإذا كان البناء المعمارى يتأثر فى أوله بالعملية التعليمية فهو ينتهى إلى ممارسة المهنة والتنظيمات القائمة عليها فتنظيم المهنة المعمارية لا يزال يدور فى إطار المهنة الهندسية كالرى والطرق والمرافق والميكانيكا والكهرباء وهكذا تطبع الشخصية المميزة للمعمارى ومن ثم لأعماله المعمارية ، إن تنظيم المهنة لا زال يعطى المهندس النقابى حق ممارسته الهندسة المعمارية فتظهر بذلك أنماط غريبة للعمارة العربية لا تتدخل التنظيمات المهنية فى تصميمها أو تخطيطها أو تنفيذها ، اللهم إلا فى اضيق الحدود كما فى مدن جدة أو تونس أو مراكش ، وهنا يظهر الأثر القوى لتنظيم المهنة على بناء المعمارى بعد فترة التحضير فى الدراسات الجامعية إذ يقتصر تنظيم المهنة المعمارية على العضوية وسداد الإلتزامات المالية الخاصة بالتأمين مع القليل جداً من النشاط العلمى فى صورة محاضرات عامة وهنا يمكن أن يقال أن التنظيم المهنى المعمارى لا يزال منعدماً فى دول المشرق العربى إذ لايزال جزءاً ضعيفاً من التنظيم المهنى الهندسى العام وهنا يكمن الضعف الشديد فى الكيان المهنى للمعماريين فى دول المشرق العربى موضوع هذه الدراسة ، الأمر الذى ينعكس بالتبعية على ضعف الإنتاج المعمارى بها ، ويترك الفرصة إلى المعمارى الغربى بقدراته الفنية والتنظيمية ومساندته الرسمية والسياسية لأن يدخل سوق الإنتاج المعمارى فى هذه الدول تاركاً القدر اليسير لأبنائها من المعماريين الوطنيين .
4-5 فالتنظيمات المهنية المعمارية أما أن تأخذ شكل شعب متخصصة فى إطار نقابات المهندسين كما فى مصر والعراق وسوريا والأردن تختص بالجوانب التنظيمية للمهنة بينما هناك بعض الجمعيات الهندسية العلمية تعمل منفصلة عن التشكيلات النقابية وتحاول أن تختص  بالجوانب العلمية وإن كان معظمها قليل الفاعلية علمياً أو ثقافياً أو مهنياً.. كما فى جمعية المهندسين المعماريين فى مصر المسجلة نظامياً فى وزارة الشئون الإجتماعية كغيرها من الجمعيات العلمية أو الخيرية..هذا فى الوقت الذى لا توجد فيه مثل هذه الجمعيات فى المملكة العربية السعودية ، كما يمارس النشاط العلمى المعمارى فى دول المشرق العربى الاّخر فى إطار النشاط العام للجمعيات الهندسية كما فى الكويت ودولة الإمارات العربية والسودان ولبنان ويبقى النشاط المهنى المعمارى فى فلسطين مرتبطاً بالنشاط المماثل له فى الأردن حتى الأن ودون فعالية تذكر ، وحتى الأن لم تظهر الشعب أو الجمعيات المعمارية أثر يذكر فى تنظيم المهنة خاصة فيما يرتبط بالبناء الفكرى للمعمارى العربى بعد حصوله على المؤهل الجامعى ، فلا نشرات معمارية دورية أو مجلات معمارية أو كتيبات تساعد على الإرتقاء بالمستوى الفنى للمهنة كما هو فى معظم الدول المتقدمة فى العالم .
4-6 من متابعة التطورات التى طرأت على بناء المعمارى العربى فى النصف قرن الماضى لا يمكن التبصر بتعديلات واضحة فى العوامل المؤثرة على ذلك سواء من الناحية التعليمية أو الممارسة المهنية وإن كانت هذه الصورة تختلف من دولة لأخرى من دول المشرق العربى ، فإذا كان التنظيم المهنى مؤثراً فى الكويت ولبنان ودولة الإمارات فهو اقل تأثيراً فى مصر والسودان وسوريا واليمن ، وأكثر أثراً فى المملكة العربية السعودية حيث يتم تنظيم المهنة من خلال المؤسسات الحكومية كما فى وزارة التجارة أو الشئون البلدية والقروية وتتجه معظم التنظيمات المهنية إلى إعطاء المهندس الوطنى فرصاً أكثر فى الممارسة والإنتاج أكثر منها للمكاتب الإستشارية الأجنبية التى إتسع نشاطها فى دول المنطقة سواء بالتقدم المباشر عن للممارسة عن طريق الوكلاء المحليين أو بالتقدم الغير مباشر عن طريق المعونات المالية والفنية الخارجية ، ومع ذلك فالمعمارى لا يزال يعامل معاملة المهندسين المحليين دون تمييز أو إختلاف مهنى يعكس ماهو فى معظم الدول المتقدمة فى العالم .
4-7 ومع ضعف التنظيمات المهنية للمعماريين العرب ومع الجمود الفكرى فى العمليات التعليمية السائدة فى معظم دول المنطقة خاصة ماتعتبر التعليم المعمارى جزءاً لا يتجزأ من التعليم الهندسى مع ذلك يضعف الإنتاج العلمى بحثاً وتطبيقاً تأليفاً أو نشراً ، فالبحوث المعمارية لاتزال تدور فى قوالب أكاديمية بعيدة عن واقع المجتمع ومتطلباته الأتية والمستقبلية ولا تؤثر تأثيراً مباشراً على بناء المعمارى أو على إنتاجه خاصة وإن معظم هذه البحوث لا يرى النور من خلال النشر والتوزيع  فليس فى الشرق العربى بما فيه من أعداد كبيرة من المعماريين وتظهر فيه أعداد كبيرة من المشروعات التخطيطة والمعمارية ليس فيه دار للتأليف والنشر المعمارى حتى أن معظم ما ينشر عن العمارة المعاصرة فى المنطقة يظهر على صفحات المجلات الأجنبية لأن مصمميها  ومخططيها هو من المعماريين الأجانب والإهتمام بنشر أعمالهم جزء من الأهتمام بالسوق الإستشارية المعمارية فى المنطقة وأكثر من ذلك فإن سوق البناء فى المشرق العربى لاتزال تعتمد على قدر كبير من إنتاج المصانع الغربية الأمر الذى ينقل معها قيماً معمارية وتشكيلية لا تلبث أن تؤثر على الملامح المعمارية المحلية ، من هنا فإن مستقبل العمارة العربية فى دول المشرق العربى سوف يتأثر لفترة طويلة من الزمن بما ينتج فى الخارج من مواد وتجهيزات وعناصر معمارية طالما لا تفى صناعة البناء المحلية بكل متطلبات الأسواق المحلية فى المنطقة الأمر الى يتطلب تكاملاً فى صناعة البناء على المستوى العربى لهذه المنطقة وهذا رهن بالعلاقات السياسية بينها .
4-8 وهكذا يرتبط مستقبل العمارة العربية فى المشرق العربى ببناء المعمارى العربى علمياً ومهنياً وتنظيمياً ليكون قادراً على الإضطلاع بكامل مسئولية البناء المعمارى فى دول المنطقة بعد أن تستغنى عن المعمارى الأجنببى الذى ظل فترة طويلة من الزمن أكثر من نصف قرن يقوم بهذه المهمة دون منافسة من المعمارى المحلى ، وذلك مع الإرتقاء بالوعى الفنى والتنظيمى والمهنى للمعمارى المحلى من ناحية والعناية بالبحوث العلمية والمعمارية والإرتقاء بمستوى الإنتاج لصناعة البناء لتكون قادرة على تغطية السوق المحلى للبناء بكامل متطلباته بحيث نترك اّثارها على الملامح المعمارية المحلية  وهكذا ترتبط الجوانب العلمية والمهنية والإنتاجية والسياسية فى عمليات بناء المعمارى العربى وتحديد مستقبل العمارة فى المنطقة .






جامعــة الأمـم المتحـدة
  1.  تطور تكنولوجيا البناء ومستقبل العمارة العربية :
5-1  يتأثر البناء التشكيلى للعمارة بإسلوب التشييد ومواد البناء المستعملة فيها وهما المكونيين الأساسين لتكنولوجيا البناء فإستعمال الحجر فى البناء الفرعونى فى مصر بكتله الكبيرة كان عاملاً مؤثراً فى تشكيل العمارة الفرعونية .. ومن جهة أخرى كان إستعمال الطابوق فى البناء الأشورى فى العراق له إمكانياته التشكيلية التى إتسمت بها العمارة الأشورية .. ولما تقدمت تكنولوجيا البناء بعد ذلك فى العصور الرومانية واليونانية فى المنطقة ظهر البناء بالحجر فى صور أكثر وضوحاً فى التشكيل مع ما إرتبط بذلك من نظريات فلسفية للعلاقات القياسية فى المساقط الأفقية والرأسية..حتى بداية العصور الإسلامية حيث شهدت العمارة فى الشرق العربى طفرة جديدة فى تكنولوجيا البناء سواء بالحجر وإستعمالاته المختلفة فى القصور والأقبية والقباب وما أرتبط بذلك من فنون تشكيلية هندسية نباتية كمكملات للعمارة الإسلامية ، وظهرت تكنولوجيا البناء أيضاً فى بناء الأضرحة كما ظهر فى بناء الأسواق والقصور ودخلت تكنولوجيا البناء بعد ذلك بأيدى الخبراء الأجانب سواء بطريقة مباشرة فى حجم الأعمال الرهيب الذى أنشأ على مساحة الشرق العربى شماله وجنوبه .
5-2  لقد إرتبطت تكنولوجيا البناء فى منطقة الشرق العربى قبل تأثير الثورة الصناعية التى ظهرت فى أوروبا بخبرة الإنسان ومهارته ، فهو المصمم والصانع والمزخرف وبذلك توارثت تكنولوجيا البناء عبر أجيال من البشر تنتقل فيها المعرفة من جيل إلى جيل عن طريق الممارسة والتعايش المستمر مع عمليات البناء تتعمق فيها أصول المهنة مع الزمن وليس عن طريق الكتب والمجلات ، من هنا كانت تكنولوجيا البناء فى هذه الفترة مرتبطة بوجدان الإنسان وقدراته وثقافته الفنية التى تنتقل من جيل إلى جيل لتؤكد الإستمراية الحضارية التى لاتقطعها الطفرات المفاجئة فى تطور علوم البناء ، لذلك إرتبطت العمارة بالإنسان ارتباطا وثيقا الى حين دخول الالة فى االبناء لتحل محل الانسان فى كثير من الأعمال والمهام وإنقطعت بذلك الصلة الوجدانية بين الصانع والمبنى ، فظهرت المبانى بعد تأثير الثورة الصناعية قاطعة لعمليات ميكانيكية خالية من الروح حتى ظهرت الإتجاهات المعاصرة تدعو إلى البحث عن ذات فى العمارة المحلية تتوازن فيها المادة بالروح ، الأمر الذى يصعب تحقيقه فى هذا الزمان الذى تتطور فيه المنجزات التكنولوجية بسرعة رهيبة فما الحال بالنسبة للمستقبل وما يصاحبه من تكنولوجيا يعجز الإنسان عن تصورها ؟ .
5-3  يستقبل الشرق العربى معظم تكنولوجيا البناء من الغرب الذى إندلعت فيه الثورة الصناعية وأكتسحت أماماها كثيراً من القيم الإنسانية فى البناء ، ومع تدفق التيار المستمر لتكنولوجيا البناء من الغرب لم يستطيع الشرق العربى ان يقاومه بحجم كاف من صناعة البناء المحلية كما لم يستطع أن يتفاعل مع الجديد من علوم البناء فى مجال التعليم أو البحث العلمى  فتكنولوجيا البناء تنتقل إلى الشرق العربى خلال الشركات الإستشارية التى تصمم ثم شركات المقاولات التى تنفذ وكلها تعتمد على التكنولوجيا الحديثة فى البناء حتى سقطت القيادة الفكرية من أيدى المصمم أو المنفذ العربى كما جرف التيار الفكرى فى المؤلفات والدوريات التى تعترض لعلوم البناء أى فكر محلى يحاول أن يستبط مادة محلية جديدة للبناء أو أسلوباً محلياً جديداً للتشييد وهنا يضمر الفكر العربى وتضمر المؤلفات والدوريات كما يضمر عطاء المنظمات المهنية للعاملين فى قطاع البناء والتشييد تخطيطاً وتصميماً وتنفيذاً .
5-4  ويرتبط مستقبل العمارة العربية فى الشرق العربى بمستقبل تكنولوجيا البناء فيه ، كما يرتبط بمستقبل الفكر الثقافى والحضارى لمجتمعاته بكل فئاتهم وإذا كان من الممكن قياس مستقبل تكنولوجيا البناء فى ضوء ماهو متاح من موارد وخبرات وما هو وارد من فكر وعلم ، فإنه من الصعب التكهن بمستقبل الفكر الثقافى والحضارى لمجتمع تتباين فيه الفئات ثقافياً وحضارياً وإقتصادياً وإجتماعياً ، من هنا كانت أهمية تطويع تكنولوجيا البناء للتجاوب مع متطلبات وإحتياجات هذه الفئات المتباينة من البشر  والتتطويع هنا يعتبر بداية الطريق لبناء عمارة المستقبل فى المشرق العربى والتطويع لا يتطلب بالضرورة تطبيق اّخر ما وصل إليه العلم من تكنولوجيا بقدر ما هو إيجاد تكنولوجيا البناء التى تتناسب مع الإمكانيات البشرية لفئات المجتمع فكرياً وعلمياً وعملياً ، كما تتناسب مع موارد الدولة مادياً وإقتصادياً وتتناسب مع بيئة المكان طبيعياً وجغرافياً من هنا يبدأ البحث عن تكنولوجيا البناء فى دول المشرق العربى ، والبداية فى معاهد بحوث البناء ثم تنتقل النتائج إلى المصانع وتنتهى إلى المستهلك ثم تخضع للمتابعة والتقويم الذى تعود نتائجه إلى البداية فى معاهد بحوث البناء للمراجعة والتجديد ، وذلك حتى لا ترتبط صناعة البناء فى الدول العربية بعربة التكتولوجيا الغربية .
5-5  إن تطويع تكنولوجيا البناء للظروف المحلية إقتصادياً وفنياً وتطبيقياً يتطلب العديد من الدراسات والإجراءات التى تضمن إستعمالها مع الإلتزام بمواصفاتها ومعاييرها الفنية الأمر الذى يتطلب تغييراً جذرياً فى الهياكل التنظيمية والإدارية والفنية لأجهزة التشييد فى القطاعيين العام والخاص ، ومن ثم فى تنظيم وتدريب وتوظيف العمالة اللازمة لهذه الأجهزة بإعتبار صناعة البناء صناعة متحركة تتحرك بتحرك المنشأ نفسه وإعتبارها أيضاً صناعة ثابتة فى الإدراة والتنظيم والتشغيل ، فثبات نوعية الإنتاج فى هذه الصناعة وضخامة حجمه يستلزم ثباتاً فى نوعية وحجم العمالة اللازمة لهذا الإنتاج وهنا تختفى العمالة الموسمية او المؤقتة التى دائماً ما ترتبط بصناعة البناء فى العديد من دول المشرق العربى سواء مع الشركات الكبيرة أو الصغيرة التى تعمل فى عالم البناء والتشييد .
5-6  ويتطلب تطويع تكنولوجيا البناء فى الشرق العربى أيضاً إلى تطوير المناهج التعليمية فى المعاهد والكليات الفنية والهندسية بحيث ترتبط النظريات التخطيطية والمعمارية والإنشائية بالواقع المحلى إقتصادياً وإجتماعياً وبيئياً الأمر الذى يتطلب جهداً كبيراً فى البحث ثم التأليف والنشر حتى تنتقل المعرفة وتستقر النظرية وتستمر وتتخرج الأجيال الفنية والهندسية متشبعة بخصائص ومتطلبات الواقع المحلى ، من هنا يمكن أن تنبت تكنولوجيا البناء التى تناسب الظروف المحلية إقتصادياً وفنياً وتطبيقياً  ومن ثم تتطور صناعة البناء فى نفس الإتجاه ، الأمر الذى سوف يؤثر بالتبعية على مستقبل العمارة المحلية هذا مع المتابعة المستمرة لأحدث ماينتجه الغرب من تكنولوجيا متابعة بحثية وعلمية أكثر منها ملاحقة تطبيقية .
منقول  

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق