الثلاثاء، 30 يوليو 2013

المواد المستعملة في البناء بالأحجار

المواد و الخامات المستعملة في بناء الحجر
1  حير بلدي و 2 لامل للمباني بالدبش قليلة الأهمية .
3 جير بلدي و 3 رمل للمباني بالدبش أعلا الطبقة العازلة  ( ضد الرطوبة ) .
1 جير بلدي و 1 نمرة و 1 رسل للمباني بالدبش أعلا الطبقة العازلة ايضا .
1 أسمنت و 4 لامل للمباني تحت الطبقة العازلة و المباني بحجر النحت .
1 أسمنت و 3 رمل للمباني بحجر النحت و التي تتحمل أثقالا كبيرة .
2 جير بلدي ، و 3 رمل و 100 كجم أسمنت للمتر المكعب  م3 من الخلط للمباني بحجر النحت.

الأحد، 28 يوليو 2013

العمارة الخضراء..............................................................................................

العمارة ألوان ايضا
مع التقدم التكنولوجي واتساع مجالات الاتصالات والعلاقات بين دول العالم، لم تعد فرص العمل وحدها، وتحسن الوسائل المعيشية المعيار الوحيد لجذب السكان، فقد كان للاهتمام العالمي ونشر الوعي بالتأثيرات المختلفة للبيئة على قاطنيها مما حدا بالكثيرين للبحث عن أماكن جديدة تبعدهم ولو لفترة قصيرة عن التلوث الذي أحاط بالمدن وجعل منها مراكز للتأثير السلبي على صحة وكفاءة أداء سكانها.

ويهدف هذا المقال إلى توضيح كيفية إقامة بيئة تستوفي الاحتياجات المادية والنفسية والروحية لقاطنيها مع توفير دعائم وحوافز للانتقال إليها، ليس فقط من قبل الساعين إلى فرص العمل ولكن من قبل القاطنين ببيئات عمها التلوث لعدم التوازن بين التقدم التكنولوجي والبيئة بكافة أبعادها.

عمارة البيئة المستدامة أو العمارة الخضراء، وهي العمارة التي تعتمد أساساً على المواد الطبيعية في الإنشاء والتشطيب والتي تتلاءم مع البيئة المحيطة فلا ينتج عنها عناصر ذات آثار ضارة على صحة مستعمليها كما تعتمد على التصميم الذي يراعي احتياجات هؤلاء السكان سواء أكانوا كباراً أم شبابا نساء أو أطفال أصحاء أو ممن يعانون من قصور في أدائهم، فتكون هذه العمارة متوافقة مع متطلبات و توجهات من يستعملونها.

العمارة الخضراء للبيئة المستدامة:

مفهوم العمارة الخضراء:

العمارة الخضراء للبيئة المستدامة هي عمارة ناتجة عن بيئتها وذات مسؤولية اتجاهها، أي عمارة تحترم موارد الأرض وجمالها الطبيعي. وهي عمارة توفر احتياجات مستعمليها إذ أنها تؤدي إلى الحفاظ على صحتهم، شعورهم بالرضا، زيادة إنتاجهم وإشباع احتياجاتهم الروحية وذلك من خلال العناية بتطبيق الاستراتيجيات المؤكدة لاستدامة البيئة.

- البناء المستدام:

البناء المستدام هو إيجاد إدارة بيئية صحية تعتمد على كفاءة استخدام الموارد واحترام المبادئ المؤدية إلى التجانس مع البيئة. فالمباني المصممة بأسلوب مستدام تهدف إلى خفض آثاره السليبة على البيئة من خلال كفاءة استخدام الطاقة والموارد . وذلك أن المباني تعتبر من أكبر مسببات الأضرار المتواجدة على الأرض، إذ أن التلوث الناتج عن تدفئة وتبريد البيئة الداخلية للمباني أكبر من التلوث الناتج عن عوادم السيارات حتى في الولايات المتحدة يضاف إلى ذلك أن صناعة مواد البناء تستهلك طاقة ضخمة وموارد غير متجددة، وأوضحت الدراسات المصرية أن التلوث الناتج عن إصدار غازي ثاني أكسيد الكربون الناتج عن استهلاك الصناعة للطاقة هو 26.7 % بينما ذلك الناتج عن الاستهلاك السكني والتجاري هو 10.10% من 94 مليون طن من غاز ثنائي أكسيد الكربون كنتيجة لاستهلاك الطاقة البترولية ويتضمن البناء المستدام المبادئ الآتية:- خفض استهلاك الموارد الغير قابلة للتجدد.- تحسين البيئة الطبيعية.- خفض أو إزالة المواد الضارة السامة. هذا ويعتبر البناء باستدامة (Sustainable building) أسلوب بناء يسعى للتكامل من حيث الجودة مع الأداء الاقتصادي والاجتماعي والبيئي للمبنى. وبهذا يؤدي الاستخدام الرشيد للموارد الطبيعية، والإدارة الملائمة للمبنى إلى الحفاظ على الموارد المحدودة، خفض استهلاك الطاقة والحفاظ عليها وتحسين نوعية البيئة المحيطة. أي أنه يتضمن الأخذ في الاعتبار العمر الافتراضي للمبنى نوعية البيئة التي يحتويها ونوعية الأداء لأنظمة المبنى والقيم المستقبلية المتوقعة في المجتمع.فمن خلال كفاءة استخدام الموارد والطاقة وخفض الغازات المتسربة ومنع التلوث للهواء بالبيئة الداخلية من الفورمالدهايد ناتج من مواد العزل والخشب المضغوط والمواد السمية الناتجة عن الدهانات ومذيبات أنواع الورنيش، الزئبق والأسبستس الناتج عن الدهانات والعزل الصوتي وبلاطات الأرضية، والتلوث الضوضائي، والتناغم مع البيئة وتكامل أنظمة المبنى المختلفة نجد أن تصميم المباني الخضراء للبيئة المستدامة يسعى إلى حماية صحة مستخدميها، لتحسين إنتاجية العاملين فيها، استخدام الطاقة والمياه والموارد الأخرى بكفاءة أكبر، بالإضافة إلى خفض التأثير السلبي على البيئة.

مبادئ عمارة البيئة المستدامة :


يتميز الاتجاه الأخضر في إقامة البيئة المبنية بالشمولية في تصميم المباني، ولتحقيق الاستدامة في البيئة فيجب أن تراعي في عمارتها كافة الموارد التي يتضمنها المبنى سواء أكانت مواد أو طاقة أو مساهمة في توفير احتياجات مستعملي المبنى.

البيئة الصحية الداخلية:

يجب اتخاذ كافة الاحتياطيات لضمان عدم إصدار مواد البناء أو الأنظمة الإنشائية للمبنى أية غازات سامة تنتشر في جو البيئة الداخلية للمبنى. كما يتعين العمل على تجديد الهواء بالداخل وتنقيته بواسطة المزروعات والمرشحات.

كفاءة استخدام الطاقة:

يجب مراعاة كافة الإجراءات التي تضمن أن يستخدم المبنى أقل طاقة ممكنة في عمليات التبريد والتدفئة والإضاءة وذلك باستخدام الوسائل الفنية والمنتجات التي تحافظ على الطاقة المتوفرة وتحول دون سوء استخدامها.

المواد ذات التأثير الحميد على البيئة:

يجب مراعاة استخدام مواد البناء والمنتجات التي تؤدي لخفض تدمير البيئة عالميا. فيمكن اختيار الخشب شريطة أن لا يدمر ذلك الغابات كما تؤخذ في الاعتبار المواد الأخرى على أساس عدم سمية العناصر التي تنتجها.
التشكيل المرتبط بالبيئة المحيطة:

يجب مراعاة ضرورة ربط التشكيل والتصميم الخاص بالمبنى بالموقع المقام عليه، بالمنطقة وبالطقس، وذلك مع زيادة الاهتمام بالجانب البيئي للموقع. هذا مع توفير وسائل إعادة تدوير المخلفات (waste recycling). ويجب مراعاة تجانس العلاقة بين شكل المبنى، قاطنيه والطبيعة المحيطة.

التصميم الجيد:


يجب مراعاة الحصول على تصميم يحقق كفاءة مستمرة في العلاقات بين المساحات المستخدمة، مسارات الحركة، تشكيل المبنى، النظم الميكانيكية وتكنولوجيا البناء. كما يراعي التعبير الرمزي عن تاريخ المنطقة والأرض وكذلك القيم والمبادئ الروحية التي يجب دراستها، وذلك حتى يصبح المبنى متميزا بسهولة الاستعمال، جودة البناء، وجمال الشكل. أي أنه يمكن القول أن تصميم المباني الخضراء يضع الأولوية للصحة والبيئة، للحفاظ على الموارد وأداء المبنى خلال دورة حياته. وتعتبر معظم المباني الخضراء ذات كفاءة ونوعية متميزة وذلك أن عمرها الافتراضي أطول من مثيلتها التقليدية وتكلفة تشغيلها وصيانتها أقل وتوفر درجة أعلى من الرضا لدى مستعمليها عن المباني التقليدية. ومما يثير دهشة العديدة من الأفراد أن التصميم الجيد للمباني الخضراء يتميز بزيادة قليلة في تكلفة الإنشاء عن التصميمات التقليدية. هذا ويؤدي التفاني تحسين الأداء العمل بروح الفريق خلال عملية التصميم، الانفتاح على الاتجاهات التصميمية الجديدة، والمعلومات المتوفرة عن أفضل وسائل التطبيق إلى نتائج أكثر فعالية عن زيادة ميزانية البناء. هذا ويمكن القول بأن المهندس حسن فتحي من أوائل من دعوا إلى هذا الاتجاه حيث يوصف بأنه من مساندي الحفاظ على الطبيعة ففي أعماله العزل الحراري الطبيعي يتم من خلال تصميم نسيج المبنى والتصميم حول الفناء الداخلي تطبيقا لمبادئ الحفاظ على الطاقة والتهوية الطبيعية المناسبة.
التصميم المستدام:

التصميم المستدام هو التداخل بين العمارة والهندسة الكهربائية والميكانيكية والإنشائية. وبالإضافة للاهتمام للجماليات التقليدية للحجم، النسب، المقاييس، الملمس، الظلال والضوء فان فريق تصميم المبنى يجب أن يهتم بالتكاليف طويلة المدى بيئيا، اقتصاديا، وبشريا. وقد حدد معهد روكي ماونتن خمسة عناصر للتصميم المستدام، ألا وهي:
شمولية التخطيط والتصميم وأهمية القرارات الابتدائية، إذ أن لها أكبر الأثر في كفاءة استخدام الطاقة، مثل التصميم الشمسي السلبي الذي يستفيد من الطاقة الشمسية بالتوجيه المناسب، وكذلك الأمر للإضاءة الطبيعية والتبريد الطبيعي.
اعتبار التصميم المستدام فلسفة بناء أكثر من كونه طراز مقترح للبناء حيث أن المباني التي تبنى بهذا الفكر غير محددة الفكر أو الطابع.

لا يتعين زيادة تكلفة المباني المستدامة عن المباني التقليدية، كما أنها لا تختلف عنها في بساطة أو عدم تعقيد التصميم.
تكامل التصميم باعتبار كل عنصر من العناصر جزءا من الكل وضروري لنجاح هذا التصميم.
اعتبار خفض استهلاك الطاقة والحفاظ على صحة الأفراد وتحسينها أهم مبادئ التصميم المستدام.
هذا وتتضمن عناصر التصميم الأخرى ما يلي:الحفاظ على الطاقة، مراعاة الملامح المعمارية للمبنى، دراسة الغلاف الخارجي للمبنى ومدى حفاظه على الطاقة، استخدام الأنظمة الميكانيكية والكهربائية للطاقة بكفاءة، توفير الظروف الصحية الملائمة لمستعملي المبنى. وحيث أنه من أهم الأمور التي نسعى حاليا إلى تحقيقها إقامة بيئات صحية خالية من التلوث وسيوضح ذلك من خلال تناول وسائل ممارسة فكر البناء الأخضر لعمارة البيئة المستدامة عند اختيار مواد البناء وإعداد البيئة التي تراعي أهمية صحة وأمان مستخدمي المبنى.

بعض الوسائل المتبعة لتطبيق فكر البناء الأخضر:

كفاءة المواد المستخدمة:

يراعي التصميم الأخضر خصائص هذه المواد من حيث انعدام أو انخفاض ما ينبعث منها من عناصر أو غازات ضارة أو انخفاض درجة السمية لهذه المواد، واحتمالية تدويرها لإعادة استخدامها، مقاومتها للاضمحلال، عمرها الافتراضي والقدرة على إنتاجها محليا ويقترح استخدام المواد الناتجة عن الهدم والإزالة حيث أنها تضم مواد غير نشطة من حيث انعدام التفاعلات الكيميائية الداخلية بها، كما يقترح استعمال التصميم المتوافق الأبعاد بالاعتماد على المقاييس المتكررة والذي يؤدي لإقلال التكلفة بخفض المواد المستخدمة.ويهتم أيضا التصميم المستدام بتوفير فراغ كافي لتنفيذ برامج التخلص من المخلفات الصلبة، إعادة تدوير مخلفات الهدم، وتضمن البرنامج الزمني وقت مخصص لتجميع المخلفات التي سيتم تدويرها.
صحة وأمان مستخدمي البناء:
أوضحت الدراسات أن المباني التي تتميز ببيئات داخلة جيدة التشطيب يمكن أن تؤدي إلى خفض نسبة أمراض الحساسية، الربو والأمراض الناتجة عن تأثير ما تتضمنه المباني من عناصر كيميائية أو نواتج لمشتقات البترول والبتر وكيميائية إذ منها ما يؤثر مباشرة على الدماغ ومنها ما يؤثر على الجهاز المناعي فيعرض الفرد إلى أمراض مدمرة، كما أن تحسين البيئة الداخلية يؤدي إلى رفع كفاءة أداء العاملين وفوائد ذلك تفوق التكلفة بمعامل 8الى14، ويجب اختيار مواد البناء ومواد التشطيبات التي لا ينبعث منها عناصر مؤثرة على الهواء إذ أن العديد من مواد البناء والصيانة والتنظيف تصدر غازات سامة كالمركبات العضوية الطيارة التي تصدر من ألواح الجبس أو المركبات المكونة لمواد لصق هذه الألواح.ويجب أن يراعى تفادي التلوث الميكروبي باستخدام المقاومة لنمو الميكروبات، واستخدام وسائل الصرف الفعالة وبالتنسيق المحيط بالموقع، مع ضرورة توفير التهوية المناسبة بالحمامات، الصرف الجيد للرطوبة من أجهزة التكييف ومراعاة تحكم أنظمة المبنى الأخرى في الرطوبة.
القيم الروحية للاستدامة في التنمية والعمارة:
أن تطوير التصميم البيئي (الأخضر أو المستدام) اعتقادا بأن المباني التي توفر بيئة تحفظ صحة مستعمليها وتستخدم طاقة أقل وتؤدي إلى خفض تأثيرها السلبي على البيئة لن يكون ذا جدوى إذا كان بمعزل عن ثقافة وأسلوب حياة المجتمع. فإذا تم خفض استخدامات الطاقة في المباني لاستخدامها في أنشطة أخرى فلن يكون الاتجاه التصميمي قد حقق الهدف منه.لذلك لابد من ربط هذا الفكر التصميمي بالقيم الأساسية التي تسود ثقافات كثيرة حول العالم . وذلك أن القيم التي استشرت مثل الجشع، الاتجاه في تحقيق النمو اللانهائي يعكس نوع من العنف عندما ننعزل عن شبكة الحياة ونعطي لأنفسنا الحق في أن نأخذ من الآخرين ومن المستقبل ومن الطبيعة ما يشبع رغباتنا المادية اللانهائية. ويعتبر ذلك اتجاه انتحاري حيث أنه سيدفع بالبشرية خلال 25 عاما المقبلة إلى استهلاك من الحياة أكثر مما يوجد على كوكبها.إن وجود عدد من القيم المتدنية التي أدت إلى انتشار العديد من الأمراض الاجتماعية مثل العنف، الإدمان، الجرائم، استغلال الأطفال، العنف ضد الزوجات، تحطيم الأسرة، اللامبالاة، انعدام المأوى، التسرب من التعليم، الفقر، إنما يعكس انعدام المناعة النفسية والروحية وقد أوضحت الدراسات أن هذا الانهيار المناعي ينبع من الإحساس بانعدام القيم، عدم الاحترام للآخرين ومن الآخرين، عدم إتاحة الفرص لكي يكون الفرد ذو نفع لمجتمعه وأسرته، وهي مشاكل نفسية وروحية.إن العمل الذي يؤدي لإثراء المهارات، احترام الذات، الاحترام المتبادل والإحساس بأن الفرد ذو قيمة للمجتمع هو عمل يشبع الاحتياجات الروحية ويساعد على الاستدامة وتحقيق العلم الذي نحلم بوجوده. فهذا الناتج الداخلي للعمل والمردود النفسي له قد يكون أكثر جدوى ونفع من الناتج الخارجي له. فالاستدامة تستلزم تحولات في معتقداتنا وأفعالنا وبناء المؤسسات التي تستبعد قيم الاستهلاك غير المتسق مع المجتمع، والجشع، والعنف، وذلك لكي نصل إلى مفاهيم وقيم تساعد في تنمية الأساس الروحي للتنمية في حياتنا ومجتمعنا مثل القيم المؤكدة على ثراء العمل والحصول على السعادة بأقل استهلاك، وعدم التمسك بالسعي وراء الثروة. فالنمو الذي اعتبر ضروريا لمساعدة الفقراء أدى إلى تركيز الثروة في يد الأغنياء، إذا فهناك حاجة إلى العدالة في توزيع العائد لإزالة الفقر وتحقيق العدالة الاجتماعية. يضاف إلى ذلك أن تثبيت معدلات التنمية وتحقيق العدالة برفع عدم الإنصاف يمكن أن يؤدي إلى خفض استهلاك الطاقة، المادة والتمويل والتكلفة البشرية بدون خفض المستوى المادي للمعيشة وبدون الحاجة للحلول التقنية
منقول

الخميس، 25 يوليو 2013

عمارة القلوب




عمارة القلوب بالايمان وقراءة القرآن domain-cb9000b7c3.bmp


كلما أحسست بأن الدنيا ضاقت عليك ..


وهموم الحياة أرهقتك ...!
هناك ( كنـز ) لا يقدر بأي الأثمان .! غفلنا عنه .. وتناسيناه !!
وكأننا لا ندري بأنه حل لجميع مشاكلنا وهمومنا !
‏إنه ( كتاب اللـه الكريم )
فيه الشفاء والسعادة في الدنيا .. أما في الأخرة فهو شفيعنا ,
فمن كرم الله بنا أنه جعل الحرف بحسنة والحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف بأذن الله_
فلماذا نهجره ؟!
لنحذر من ضياع وقتنا من غير أن نتلو وجه واحد


فلماذا لا نخصص وقت نتلو فيه القرآن بصوت شجي وقلب حاضر .!
فلولا القرآن لتعكرت حياتنا وعشنا هماً وغماً ولا مفر منهما
فالقرآن أنيسك إذا فقدت الخلان والدواء إذا كابدتك الآلام 
ألا نتذكر الموت وسكراته !
والقبر وظلماته ! .. والحساب وتبعاته !
ألا نريد الجنة والنعيم .! والفرح المقيم !
لا نعلم كم بقي لنا من العمر .. سنة .. / سنتان .!
أم أنها دقائق محدودة .. وثواني معدودة .!.


القرآن الكريم هو :
كلام الله العظيم وصراطه المستقيم ، 
وهو أساس رسالة التوحيد ، وحجة الرسول الدامغة وآيته الكبرى،
وهو منهل الحكمة والهداية ، 
والرحمة المسداة للناس ، والنور المبين للأمة ، والمحجة البيضاء التي 
لا يزيغ عنها إلا هالك ,
قال الله عز وجل : (إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ )


وقد أثنى الله عز وجل على التالين لكتاب الله فقال : 
{ إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُورَ 
30لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُم مِّن فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ }
وفضل حفظه وترتيله لا يقدر بثمن .. 
يقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
" إن الذي ليس في جوفه شيء من القرآن كالبيت الخرب "
لأن عمارة القلوب بالإيمان وقراءة القرآن وزينة الباطن بالإعتقادات الحقة والتفك
منقول للفائدة

الاثنين، 15 يوليو 2013

العمارة الحسية و المعنوية في المساجد

 الحمد لله رب العالمين، و الصلاة و السلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا، إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا و انفعنا بما علمتنا و زدنا علماً، و أرنا الحق حقاً و ارزقنا اتباعه، و أرنا الباطل باطلاً و ارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، و أدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.
عمارة المساجد :
 أيها الأخوة المؤمنون، مع الدرس السابع من: "آيات الأحكام"، وآية اليوم: عمارة المساجد وهي قوله تعالى:
﴿ مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ شَاهِدِينَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ أُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ وَفِي النَّارِ هُمْ خَالِدُونَ* إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآَتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ ﴾
[ سورة التوبة : 17-18]
 أيها الأخوة الكرام، أن يعمروا من عمارة المساجد، وعمارة المساجد تطلق على عمارة المساجد، وإصلاح المساجد، وتوفير حاجات المساجد، ومرافق المساجد، وخدمات المساجد، وتطلق أيضاً على لزوم المسجد، والإقامة فيه لعبادة الله عز وجل.
العمارة نوعان؛ عمارة حسية وعمارة معنوية :
 العمارة نوعان، عمارة حسية أن نبني البنيان، وأن نطلي الجدران، وأن نؤسس المسجد بما يحتاج، وأن نوفر له مرافقه من إضاءة، وماء، وكهرباء، وتكبير صوت، وفرش، هذه عمارة حسية، وكل من ساهم في إعمار المسجد من هذه الزاوية بنى الله له قصراً في الجنة، المهندسون، العمال، المخططون، المتعهدون، أعضاء الجمعية التي أسست من أجل بناء المسجد، المتبرعون، المساهمون، كل من له نصيب في بناء مسجد، وكسوة مسجد، وتأسيس مسجد، وتوفير الخدمات للمسجد، فهو ممن يعمر مساجد الله، هذا هو المعنى الأول، وقد قال عليه الصلاة والسلام:
((عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: مَنْ بَنَى لِلَّهِ مَسْجِدًا بَنَى اللَّهُ لَهُ مِثْلَهُ فِي الْجَنَّةِ ))
[ متفق عليه عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ]
 إلا أن البناء ورد في آية ثانية:
﴿ فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآَصَالِ ﴾
[ سورة النور: 36 ]
 لم يقل أن تبنى بل أن ترفع، فينبغي أن يكون بيت الله يليق بدين الله، ينبغي أن يكون بيت الله يليق بهذا الدين العظيم، لا ينبغي أن تكون أبنيتنا أكثر رحابةً، وأكثر أناقةً من بيوت الله فهذا دليل تعظيم شعائر الله، ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب، ولكن أن تكون كلفة هذه الزخرفة تساوي بناء مسجدين الأولى أن نبني مسجدين، أحياناً كلفة زخرفة المساجد تساوي بناء مسجد آخر، ونحن في أمس الحاجة إلى مسجد آخر، لذلك ينبغي أن يكون المسجد واسعاً فيه كل حاجات المصلي؛ من إضاءة، ومن فرش، ومن ماء بارد، وماء ساخن في الشتاء، ومن تكبير صوت، من دون إسرافٍ، ومن دون أن تكون الزخرفة تزيد عن كلفة البناء بأكمله.
 العمارة نوعان عمارة حسية وعمارة معنوية وهي أن تأتي إلى بيت الله، بيت الله يجب أن يكون مكتظاً بالمصلين، يجب أن يستقطب كل من حول المسجد، لا أن تجد في مسجد كلف ثمانين مليوناً سبع مصلين في الفجر، والله هذه مشكلة، هذا المسجد عمر بناءً ولم يعمر عبادةً، قال تعالى:
﴿ مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ شَاهِدِينَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ أُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ وَفِي النَّارِ هُمْ خَالِدُونَ ﴾
[ سورة التوبة : 17]
 لأن الكافر والمشرك له عقائد تتناقض مع الإسلام، يعظم شيئاً لا يعظمه الإسلام، فلو سمحت لمشرك أن يأتي بيت الله الحرام لأفسد الدين هناك.
المشرك هو عين النجاسة أينما حلّ أفسد :
 وكما تعلمون الأجانب حينما يأتون إلى بلد هم بحاجة إلى ملهى، بحاجة إلى ناد، بحاجة إلى أن يشربوا الخمر، فإذا سمحنا للمشرك أن يدخل مكة المكرمة حيث بيت الله الحرام فقد شوهنا هذه المعالم المقدسة، فلذلك ربنا عز وجل يقول:
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شَاءَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ﴾
[ سورة التوبة : 28]
 بكلمة نجس دقة رائعة، لم يقل نجسون لو قال هم نجسون كل شيء نجس يتطهر، أما قال عز وجل:
﴿إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ﴾
 عين النجاسة، أنت مثلاً بإمكانك أن تطهر قطعةً أصابها بول بالماء سبع مرات، لكن هل بإمكانك أن تطهر البول نفسه؟ هو عين النجاسة، فالمشرك كما وصفه الله عز وجل هو عين النجاسة أينما حل أفسد، أينما حل بحث عن المرأة، أينما حلّ بحث عن الشراب، أينما حل بحث عن الإفساد.
حبط العمل إما أنه سقطت قيمته أو سقط شكله :
 لذلك
﴿مَا كَانَ﴾
 أي مستحيل، أشد صيغ النفي في القرآن الكريم ما كان، أي لا يمكن وغير معقول ولا نرضى ولا نريد ولا نسمح، لأن حركاتهم، وسكناتهم، وسلامهم، ولقاءهم، أساسه الإفساد، إذا التقوا ليحتفلوا بشيء لابد من أن يشربوا نخب هذا المشروع، يضعون الخمر في الكؤوس، هذا احتفالهم بإنشاء بناء، أو بإعمار مؤسسة إلى آخره.
﴿ أُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ وَفِي النَّارِ هُمْ خَالِدُونَ ﴾
[ سورة التوبة : 17]
﴿شَاهِدِينَ﴾
 أي مقرين ومعترفين وذلك بإظهار آثار الشرك والوثنية،
﴿حَبِطَتْ﴾
 ضاعت وذهب ثوابها، أيها الأخوة حبط العمل إما أنه سقطت قيمته أو سقط شكله، العمل السيئ عمل أحبطه الله، والعمل الطيب إذا كان لغرض سيئ فهذا عمل فقد ثوابه، إما أن تفقد شكل العمل الطيب، أو أن تفقد قيمته عند الله عز وجل، لو أن إنساناً فعل عملاً طيباً ولكن بنية خبيثة نقول: حبط عمله، لو أن إنساناً أنشأ ملهى ليفسد الناس، وليجني أرباحاً طائلة من هذا الملهى، نقول: حبط عمله، الذي أنشأ ملهى حبط عمله شكلاً ومضموناً، وسقط عمله في خندق الإفساد، أما من أنشأ مشروعاً طيباً وقال: هذا عمل إنساني، إما هدفه تكوين ثروةٍ طائلة، أنشأ مستشفى والشيء المعلن أنه عمل إنساني، أما الهدف الكبير أن يبتز أموال الناس إلى درجة غير معقولة، إلى درجة تصبح قراءة الحساب تسبب الجلطة، هذا عمل في ظاهره إنساني إلا أنه حينما يسلك أصحابه فيه ابتزاز كبير، واستغلال لحاجة الناس إلى الشفاء والمعالجة، فهذا عمل ظاهره إنساني لكن الله أحبطه أي أسقط قيمته.
إقامة الصلاة الإتيان بها على الوجه الأكمل :
﴿ إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآَتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ ﴾
[ سورة التوبة : 18]
 لمَ لم يقل صلى؟ أقام الصلاة، أنت تقول: أقيم البناء، لا تقول: بني البناء، هناك تمهيدات، هناك شروط، هناك استقامة، ينبغي أن يسبقها، هناك وضوء، هناك طهارة، طهارة الثياب، طهارة البدن، والمكان، واستقبال القبلة، ودخول الوقت، هناك شروط لصحة الصلاة، شروط سلوكية، وشروط شعائرية، فلذلك الله عز وجل قال:
﴿أَقَامَ الصَّلَاةَ﴾
 أي سبق إقامة الصلاة استقامة.
 قال العلماء: إقامة الصلاة الإتيان بها على الوجه الأكمل معتدلةً مقومةً بسائر شروطها وأركانها.
الخشية في اللغة :
﴿وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ ﴾
 أي لم يخف إلا الله، والخشية في اللغة معناها الخوف، هذه بعض معاني الكلمات التي وردت في هذه الآية:
﴿ مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ شَاهِدِينَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ أُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ وَفِي النَّارِ هُمْ خَالِدُونَ* إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآَتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ ﴾
[ سورة التوبة : 17-18]
 المعنى المخالف: إذا كان لا ينبغي للمشرك أن يعمر مساجد الله فهل ينبغي للمؤمن أن يرتاد أماكن المشركين؟ أماكن لهوهم؟ مقاصفهم حيث الاختلاط؟ حيث الخمور؟ حيث الأغاني؟ حيث التفلت؟ كما أنه لا ينبغي للمشرك أن يدخل بيت الله عز وجل كذلك لا ينبغي للمؤمن أن يرتاد أماكن المشركين، لأنه لا يوجد انضباط فيه.
الحكمة من منع الله المشركين من إتيان بيوته :
 لماذا منع الله المشركين من إتيان بيوت الله؟ قال: لأن المشرك في باطنه وظاهره يتناقض مع دين الله وعظمته، لا ينبغي للمشرك أن يرتاد بيوت الله لأنه سيؤذي المصلين، بحركاته، وكلماته، وتصرفاته، وتفلته، أحياناً امرأة سائحة تدخل إلى بيت من بيوت الله بأبهى زينة، بشيء لا يحتمل، الحمد لله عندنا في الشام يعطونها عباءة ترتديها لئلا تؤذي المصلين إذا دخلت إلى بيت من بيوت الله، قال: هؤلاء المشركون ضاعت أعمالهم، وذهب ثوابها وهم في جهنم خالدون، لا يخرجون من النار، ولا يخفف عنهم من عذابها من شيء بسبب كفرهم وإشراكهم، أما عمارة المسجد فإنما تحصل من المؤمنين بالله، المطيعين له، المصدقين باليوم الآخر، الذين يقيمون الصلاة، ويؤتون الزكاة، ويخشون الله حق الخشية، فهؤلاء المتقون لله جديرون بعمارة بيوت الله، وهم أهل الله.
الحكمة من نزول الآية التالية :
 أيها الأخوة، روي أن جماعة من رؤساء قريش أسروا يوم بدر العباس بن عبد المطلب وهو عم النبي، وحول هذه القصة قصص كثيرة، وأكثر الروايات تؤكد أن العباس عم رسول الله قد أسلم سراً في مكة، وكان عين النبي صلى الله عليه وسلم، وكان يرسل له الأخبار تلو الأخبار عن كل شيء يحدث في مكة المكرمة وله علاقة بالمسلمين، ولكن العباس عم رسول الله من حكمته أنه كتم إيمانه لتبقى له هذه المهمة التي خدم بها المسلمين، وتروي الروايات أنه شارك المشركين في موقعة بدر، لماذا شاركهم؟ لئلا يكشف نفسه، فلو كشف نفسه انتهت مهمته، والنبي يعلم إسلامه فلماذا لم يخبر أصحابه بأنه مسلم؟ لأنه لو أخبر أصحابه لأنهى مهمته، إلا أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: "لا تقتلوا عمي العباس"، لو لم يقل ذلك ربما قتله أصحاب النبي لأنه مشرك، لذلك من تتمة هذه القصة أن رؤساء قريش أُسروا يوم بدر، وفيهم العباس بن عبد المطلب، فأقبل عليهم نفر من أصحاب رسول الله فعيروهم بالشرك، وجعل علي بن أبي طالب يوبخ العباس بقتال رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقطيعة الرحم، فقال العباس: تذكرون مساوئنا وتكتمون محاسننا؟ فقالوا: وهل لكم من محاسن؟ قالوا: نعم إنا لنعمر المسجد الحرام، ونحجب الكعبة، ونسقي الحجيج، ونفك العاني، فنزلت الآية:
﴿ مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ شَاهِدِينَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ أُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ وَفِي النَّارِ هُمْ خَالِدُونَ ﴾
[ سورة التوبة : 17]
 يروي بعض أصحاب رسول الله أنه قال في نفسه: ينهانا عن قتل عمه وأحدنا يقتل في الحرب أباه وأخاه، ما فهم توجيه النبي ثم كشف في نهاية المطاف أن العباس بن عبد المطلب كان مسلماً، وكان عين النبي، وقدم للنبي صلى الله عليه وسلم خدمات جليلة، والنبي عليه الصلاة والسلام أبى أن يكشف مهمته، وسمح له أن يشترك مع الكفار في معركة بدر، وقد وقع أسيراً، وأن النبي عليه الصلاة والسلام وجه أصحابه بألا يقتلوا عمه العباس لأنه مسلم، لكن لو أنه قال: لأنه مسلم كشفه، فقال هذا الصحابي: بقيت عشر سنين أتصدق رجاء أن يغفر الله لي سوء ظني برسول الله، حينما قال عليه الصلاة والسلام: "لا تقتلوا عمي العباس" ما قالها عن عصبية بل قالها عن علم، ولكن الحكمة تقتضي أن يقتصر على هذه الكلمة.
مسجد الله هو البيت الحرام من نطق بالشهادة دخله :
 الجمهور قرأ ما كان للمشركين أن يَعمُروا مساجد الله، وقرأ بعضهم أن يُعمروا، يَعمروا ماضيه ثلاثي، أما يُعمروا ماضيه رباعي، أعمر يُعمر، ومعنى أعمر أي أعان على عمارته، يُعمر يعين على عمارة المسجد، أما الجمهور فقرأ: أن يَعمُروا أي أن يساهموا أو أن يزوروا المسجد، والجمهور يقرأ: ما كان للمشركين أن يَعمُروا مساجد الله، وقرأ ابن كثير وأبو عمر: يُعمروا مساجد الله، ومن خلال هذه القراءة قد نستنبط أن مسجد الله هو البيت الحرام.
 مرة كان هناك مناظرة عالمية بين أحد علماء المسلمين وبين أحد كبار علماء النصارى في أمريكا، فسأله أحد الحاضرين: هل بالإمكان أن تكون هذه المناظرة في مكةَ المكرمة؟ أراد هذا السائل أن يجر العالم الذي يناظر هذا القس إلى ذكر هذه الآية:

﴿ إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ
 وكان العالم الجليل ذكياً جداً قال له: أنا عندما قدمت إلى بلدكم أمريكا قدمت كل الوثائق التي طلبت مني، أبرزت وثائق، وقدمت تصاريح، حتى سمح لي بالدخول أما مكة المكرمة فيكفي أن تنطق بلسانك لا إله إلا الله وأهلاً بك في مكة، دخولها سهل جداً يقتضي أن تعلن الشهادة، تعلن الإسلام وأهلاً بك في مكة، فوت عليه أن يجره إلى أن يذكر هذه الآية:
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شَاءَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ
[ سورة التوبة : 28]
من لطائف التفاسير :
1 ـ الله سبحانه وتعالى أطلق المساجد وأراد بهذا الإطلاق مسجداً واحداً :
 أيها الأخوة:(لاحظوا أنه ) من لطائف التفاسير، اللطيفة الأولى: أن الله سبحانه وتعالى أطلق المساجد وأراد بهذا الإطلاق مسجداً واحداً، الحكم الشرعي الآن لا يمكن للمشرك أن يدخل إلى مكة المكرمة، والذين ذهبوا إلى الحج أو العمرة يرون في مدخل مكة طريقاً خاصاً للمسلمين ينتهي بهم إلى مكة، وطريقاً خاصاً ينتهي بغير المسلمين إلى مكان بعيد عن مكة، قال، أطلق الله المساجد وأراد بهذا الإطلاق مسجداً واحداً هو المسجد الحرام على رأي بعض المحققين، وعبر عنه بالجمع لأنه قبلة المساجد وإمامها فهو في علم الأصول من باب إطلاق العموم وإرادة الخصوص، كيف؟
﴿ أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّمَاءِ فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آَذَانِهِمْ مِنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ وَاللَّهُ مُحِيطٌ بِالْكَافِرِينَ ﴾
[ سورة البقرة : 19]
 مستحيل المقصود أصبع واحد أطلقنا الجمع وأردنا الفرد، أحياناً نطلق الخاص على العام،كما في الشاهد مت قوال الله العلي القدير قال تعالى:
﴿ وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآَخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ
[ سورة الأنفال : 60]
﴿قُوَّةٍ
 عام
﴿وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ
 عطفنا الخاص على العام، و أحياناً نعطف العام على الخاص، أحياناً نطلق العام  ، ونقصد الخاص، كل هذا لحكمة(بلاغية )رائعة، فهنا أطلق الله المساجد وأراد بهذا الإطلاق المسجد الحرام على رأي بعض المحققين، وعبر عنه بالجمع لأنه قبلة المساجد كلها وإمامها فهو من باب إطلاق العموم وإرادة الخصوص.
2 ـ العلة الحقيقية في منع المشركين من عمارة بيوت الله هي نفس الكفر لا الشهادة به :
 اللطيفة الثانية، العلة الحقيقية في منع المشركين من عمارة بيوت الله هي نفس الكفر لا الشهادة به، يوجد عندنا حقيقة وعندنا مظاهر لها، المسلم حقيقته أنه آمن بالله، وانصاع إلى أمره، لكن مظهره يصلي، مظهره يغض بصره، مظهره يصوم رمضان، مظهره يؤدي زكاة ماله، هذه مظاهر ولها حقيقة، فالله سبحانه وتعالى في هذه الآية قال:بسم الله الرحمن الرحيم
﴿ مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ شَاهِدِينَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ أُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ وَفِي النَّارِ هُمْ خَالِدُونَ
[ سورة التوبة : 17]
 ذكر العلة أنهم يظهرون الكفر، هناك لكفرهم مظاهر، علامات، ولكن العلماء يقولون: العلة الحقيقية في منع المشركين من عمارة بيوت الله هي نفس الكفر لا الشهادة به، الحكمة من ذلك الإنسان أحياناً ينطوي على كفر أو شرك، لكن لا يبدو منه ما يؤكد هذه الحقيقة، فأنت بين شك ويقين، أما حينما يكفر يسب الدين، مثلاً تكلم شيئاً يؤكد حقيقته، فصار شركه قطعياً، صار كفراً بواحاً، فلذلك علة أن الله ذكر مظاهر الشرك ، ولم يذكر حقيقة الشرك هو أنك إذا أظهرت مظاهر الشرك فقد أكدت حقيقة الشرك، أي الشرك مع مظاهره شرك مقرون بالإقرار، والكفر مع مظاهره كفر مقرون بالإقرار، إنسان ساكت وهو كافر ليس له مظهر أما حينما يسب، حينما يسخر من الصلاة، حينما يسخر من شعائر الله، فسخريته وكلامه وتهجمه دليل أنه أتى بالدليل على أنه كافر.
 وكلكم يعلم أن الكفر كفر اعتقادي،ولكنه ايضا وكفر سلوكي، وكفر كلامي، فالذي يسب الدين وقع في الكفر الكلامي، والذي يمسك بالمصحف ويرميه أرضاً وقع بالكفر السلوكي، والذي يعتقد أن هذا المصحف ليس كلام الله إنه من عند رسول الله، من عند محمد بن عبد الله، هذا كفر اعتقادي، وهذه الأنواع الثلاث من الكفر تخرج الإنسان من ملة الإسلام.
3 ـ أمْر المؤمنين بعمارة المساجد يتناول عمارتها وتنظيفها واعتيادها للعبادة :
 اللطيفة الثالثة، أمر المؤمنين بعمارة المساجد يتناول عمارتها، وترميمها، وتنظيفها، وتعظيمها، ويتناول أيضاً اعتيادها للعبادة والذكر وطلب العلم، أنت مؤمن من أخص خصائص إيمانك أنك تعمر مساجد الله، تسهم في بنائها.
 حدثنا أخ كريم من أن رجلاً من أهل الغنى أراد أن يبني مسجداً في أحد أحياء دمشق، بحث عن أرض مناسبة، وجد أرضاً مناسبة، ومساحتها جيدة، وفاوض صاحبها، صاحبها رجل يعمل حاجباً في مدرسة، ودخله في الشهر ثلاثة آلاف ليرة، وقد ورث هذه الأرض من قريب، ولا يملك من الدنيا إلا هذه الأرض، هذا الثري الذي أراد إنشاء مسجد فاوضه على سعرها، واتفقا على مبلغ قريب من أربعة ملايين، وتم الاتفاق، وقرئت الفاتحة، وكتب هذا الثري شيكاً لصاحب الأرض بمليوني ليرة ، على أن يعطيه الباقي عند الفراغ، بعد أن وقع الشيك وناوله إياه، قال له: الذي أرجوه منك أن نلتقي غداً في الأوقاف، فقال له: لماذا الأوقاف؟ قال: من أجل أن نصرح لها أن هذه الأرض لبناء مسجد، قال: أنت تريد أن تشتري هذه الأرض كي تنشئ عليها مسجداً؟ قال: نعم، قال: هات الشيك، أخذ الشيك ومزقه، قال: أنا أقدمها لله بدلاً منك، وقدمها لوجه الله، هذا ماذا أنفق؟ أنفق ماله كله، عمارة المساجد من أجلِّ الأعمال لأن خير البلاد مساجدها وشرها أسواقها، بالمسجد هناك صلاة، وذكر، ودرس علم، وحقائق تتلى، هذا أنفق ماله كله، يقول هذا الثري: والله ما من وقت شعرت فيه أنني صغير أمام رجل كبير كهذا الموقف، رأى نفسه صغيراً جداً أمام هذا الإنسان الفقير الذي لا يملك من الدنيا إلا هذه الأرض وقدمها من أجل بيت من بيوت الله، ورفض أن يأخذ ثمنها، وقال: أنا أولى منك أن أقدمها لله عز وجل.

أحد أكبر خصوصيات المسلم أنه يعمر مساجد الله :
 لذلك أحد أكبر خصوصيات المسلم أنه يعمر مساجد الله، والمؤمن في المسجد كالسمك في الماء، روحه في المسجد، ترتاح نفسه، ويطمئن قلبه في المسجد، لذلك أمر الله المؤمنين بعمارة المساجد أي إعمارها، وترميمها، وتنظيفها، وتعظيمها، ودخولها للصلاة، والعبادة، والذكر، وطلب العلم.
 هناك معنى ثان: وصونها عما لم تبنَ له من الخوض في أحوال الدنيا، ورد في الأثر:

(( جمعت المال مما حلّ وحرم وأنفقته في حله وفي غير حله، فالهناء لكم والتبعة علي))
 لذلك سيدنا سعد بن أبي وقاص يقول: "ثلاثة أنا فيهن رجل وفيما سوى ذلك فأنا واحد من الناس- من هذه الثلاث - ما سرت في جنازة فحدثت نفسي بغير ما تقول حتى أنصرف منها"، معنى هذا أن الجنازة تخاطبك.
 سمعت عن رجل سجل شريطاً مؤثراً جداً قبل أن يموت، بعد أن مات أوصاهم أن يُسمعوا من حول القبر هذا الشريط، فالميت في القبر والمشيعون حول القبر يستمعون إلى صوت الميت يناديهم: أنا الآن في القبر تحت أطباق الثرى، لا ينفعني مالي، ولا مكانتي، ولا بيتي، ولا أولادي، ولا زوجتي، تركت كل شيء وأنا رهن عملي... أي هذا الميت ألقى كلمة قبل أن يموت بليغة فصيحة، وأوصى أهله أن يُسمعوا المشيعين هذه الكلمة، والحقيقة إن في معالجة جسد خاوٍ لعبرة، وكفى بالموت واعظاً يا عمر.
4 ـ من آمن بالله وأقام الصلاة وأتى الزكاة فعسى أن يكون من المهتدين :
 اللطيفة الرابعة، حينما قال الله عز وجل:
﴿ إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآَتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ
[ سورة التوبة : 18]
 آمن بالله، واليوم الآخر، وأقام الصلاة، وأتى الزكاة، ولم يخشَ إلا الله، واستقام على أمره، قال:
﴿فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ
 عسى تفيد الشك، عسى إذا قالها الله تفيد غلبة الظن وليست قطعاً، لا تعني القطع، عسى أولئك أن يكونوا، فهذا الذي آمن، وعرف الله، واستقام على أمره، وصلى، وصام، وآمن بالله واليوم الآخر، هذا عسى أن يكون من المهتدين، فما قولك بالذي يجاهر بالكفر والعصيان؟
الأحكام الفقهية المستنبطة من هذه الآية :
1 ـ المراد بعمارة المساجد بناؤها وتشييدها وترميم ما تهدم منها :
 الأحكام الفقهية التي يمكن أن تستنبط من هذه الآية:
﴿ إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآَتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ
[ سورة التوبة : 18]
 كثيرة من أبرزها: المراد بعمارة المساجد بناؤها، وتشييدها، وترميم ما تهدم منها، وهذه هي العمارة الحسية يدل عليها قول النبي صلى الله عليه وسلم:
((من بنى لله مسجداً ولو كمفحص قطاة بنى الله له بيتاً في الجنة ))
[ابن ماجه وابن خزيمة عن جابر بن عبد الله] صدق رسول الله صلي الله عليه و سلم
2 ـ المؤمن مأمور بارتياد المساجد والصلاة فيها والذكر فيها وتلاوة القرآن :
 المعنى الثاني: والمراد بعمارتها الصلاة، والعبادة، وأنواع القربات، وطلب العلم، والدليل قوله تعالى:
﴿ فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآَصَالِ
[ سورة النور : 36]
 هذه العمارة المعنوية، فالمؤمن مأمور بعمارة المسجد عمارةً ماديةً من بناء، وترميم، وتأسيس، وتزيين، ومأمور بعمارتها المعنوية من ارتيادها، والصلاة فيها، والذكر فيها، وتلاوة القرآن، وطلب العلم، ومن علامة الإيمان ارتياد المساجد.
 شيء آخر: المراد بالمساجد في هذه الآية كما قال بعض المفسرين: المراد هو المسجد الحرام وحده لأنه المفرد العلم، الأكمل، الأفضل، قبلة المساجد كلها، وسبب النزول يؤيد هذا القول، وهو مروي عن عكرمة أن يعمروا مسجد الله، المقصود به بيت الله الحرام، وقال، آخرون المراد به جميع المساجد لأنه جمع مضاف فيعم ويدخل فيه المسجد الحرام دخولاً أولياً.
 والحقيقة أن الظاهر يفيد التعميم والذين خصصوا اعتمدوا على قراءة.
3 ـ نهي الله تعالى عن تمكين المشركين ، من عمارة بيوت الله :
 الحكم الثالث هل يجوز استخدام الكافر في بناء المساجد؟ أخذ بعض العلماء من الآية أنه لا يجوز أن يستخدم الكافر في بناء مسجد لأنه من العمارة الحسية، وقد نهى الله تعالى عن تمكين المشركين من عمارة بيوت الله، والظاهر جواز استخدام الكافر لأن الممنوع إنما هو الولاية أن يتولى الكافر تسيير أمور المسجد، أما أن يستخدم في عمل كنحت حجارةٍ، أو بناء، أو نجارةٍ، فلا يبدو أن الآية تمنع ذلك، إذا استخدمته كعامل لا يوجد مانع، أما أن تستخدمه كمشرف، كمسير، كموجه، كصاحب قرار فلا يجوز، هذا حكم آخر.
من يسهم في بناء مسجد يسهم في الدعوة إلى الله عز وجل :
 أيها الأخوة، ملخص هذه الآيات من أخص خصوصيات المؤمن عمارة بيوت الله بناءً، وتأسيساً، وترميمياً، وإصلاحاً، وتعظيماً، ومن أخص خصائص المسلم إعمار بيوت الله ارتياداً، وصلاةً، وذكراً، وتلاوة، وطلب علم، وتعليم علم، وخير البلاد مساجدها، وشرها أسواقها، وطوبى لمن كان له سهم في بناء مسجد، لأن كل صلاة تنعقد في هذا المسجد، وكل ذكرٍ، وكل مجلس علم، وكل توبة، في صحيفة الذي بنى المسجد، والذين يقولون: لا كيان بلا أرض، لا دعوة إلى الله بلا مكان، أين ندعو؟ في البيوت، عندك خمسة محلات، ستة محلات، أما بيت الله فيسع خمسة آلاف شخص، لا كيان بلا أرض، لا دعوة بلا مسجد، فالذي يسهم في بناء مسجد يسهم في الدعوة إلى الله عز وجل، وأنا والله أهنئ كل الذين  ،سمح الله لهم  ، وأجرى على أيديهم الخير لبناء المساجد، والعناية بها، والحقيقة في هذا البلد الطيب حركة بناء مساجد تفوق المعقول، أي الذي بني في عشر سنوات من المساجد لم يبنَ في مئة سنة، في مئات السنين سابقاً، وهذا من فضل الله، ودليل أن هناك عودة إلى الله، وأن هناك يقيناً أن خلاصنا في الدين وحده، فكل إنسان ساهم في بناء مسجد، في تأسيس مسجد، في كسوة مسجد، في حلّ مشكلة مسجد، في ترميم مسجد، في إعلاء مسجد، في تعظيم مسجد، في ارتياد المسجد، شجع الناس على حضور مجالس العلم له أجر، ارتادها طالب علم، ارتادها معلماً، ارتداها مصلياً، ارتادها ذاكراً، فأن تكون في بيت الله أحد خصوصيات إسلامك.
والحمد لله رب العالمين و سلاما و صلاة علي سيد المرسلين -->

العمارة الحسية و المعنوية في المساجد

 الحمد لله رب العالمين، و الصلاة و السلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا، إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا و انفعنا بما علمتنا و زدنا علماً، و أرنا الحق حقاً و ارزقنا اتباعه، و أرنا الباطل باطلاً و ارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، و أدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.
عمارة المساجد :
 أيها الأخوة المؤمنون، مع الدرس السابع من: "آيات الأحكام"، وآية اليوم: عمارة المساجد وهي قوله تعالى:
﴿ مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ شَاهِدِينَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ أُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ وَفِي النَّارِ هُمْ خَالِدُونَ* إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآَتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ ﴾
[ سورة التوبة : 17-18]
 أيها الأخوة الكرام، أن يعمروا من عمارة المساجد، وعمارة المساجد تطلق على عمارة المساجد، وإصلاح المساجد، وتوفير حاجات المساجد، ومرافق المساجد، وخدمات المساجد، وتطلق أيضاً على لزوم المسجد، والإقامة فيه لعبادة الله عز وجل.
العمارة نوعان؛ عمارة حسية وعمارة معنوية :
 العمارة نوعان، عمارة حسية أن نبني البنيان، وأن نطلي الجدران، وأن نؤسس المسجد بما يحتاج، وأن نوفر له مرافقه من إضاءة، وماء، وكهرباء، وتكبير صوت، وفرش، هذه عمارة حسية، وكل من ساهم في إعمار المسجد من هذه الزاوية بنى الله له قصراً في الجنة، المهندسون، العمال، المخططون، المتعهدون، أعضاء الجمعية التي أسست من أجل بناء المسجد، المتبرعون، المساهمون، كل من له نصيب في بناء مسجد، وكسوة مسجد، وتأسيس مسجد، وتوفير الخدمات للمسجد، فهو ممن يعمر مساجد الله، هذا هو المعنى الأول، وقد قال عليه الصلاة والسلام:
((عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: مَنْ بَنَى لِلَّهِ مَسْجِدًا بَنَى اللَّهُ لَهُ مِثْلَهُ فِي الْجَنَّةِ ))
[ متفق عليه عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ]
 إلا أن البناء ورد في آية ثانية:
﴿ فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآَصَالِ ﴾
[ سورة النور: 36 ]
 لم يقل أن تبنى بل أن ترفع، فينبغي أن يكون بيت الله يليق بدين الله، ينبغي أن يكون بيت الله يليق بهذا الدين العظيم، لا ينبغي أن تكون أبنيتنا أكثر رحابةً، وأكثر أناقةً من بيوت الله فهذا دليل تعظيم شعائر الله، ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب، ولكن أن تكون كلفة هذه الزخرفة تساوي بناء مسجدين الأولى أن نبني مسجدين، أحياناً كلفة زخرفة المساجد تساوي بناء مسجد آخر، ونحن في أمس الحاجة إلى مسجد آخر، لذلك ينبغي أن يكون المسجد واسعاً فيه كل حاجات المصلي؛ من إضاءة، ومن فرش، ومن ماء بارد، وماء ساخن في الشتاء، ومن تكبير صوت، من دون إسرافٍ، ومن دون أن تكون الزخرفة تزيد عن كلفة البناء بأكمله.
 العمارة نوعان عمارة حسية وعمارة معنوية وهي أن تأتي إلى بيت الله، بيت الله يجب أن يكون مكتظاً بالمصلين، يجب أن يستقطب كل من حول المسجد، لا أن تجد في مسجد كلف ثمانين مليوناً سبع مصلين في الفجر، والله هذه مشكلة، هذا المسجد عمر بناءً ولم يعمر عبادةً، قال تعالى:
﴿ مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ شَاهِدِينَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ أُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ وَفِي النَّارِ هُمْ خَالِدُونَ ﴾
[ سورة التوبة : 17]
 لأن الكافر والمشرك له عقائد تتناقض مع الإسلام، يعظم شيئاً لا يعظمه الإسلام، فلو سمحت لمشرك أن يأتي بيت الله الحرام لأفسد الدين هناك.
المشرك هو عين النجاسة أينما حلّ أفسد :
 وكما تعلمون الأجانب حينما يأتون إلى بلد هم بحاجة إلى ملهى، بحاجة إلى ناد، بحاجة إلى أن يشربوا الخمر، فإذا سمحنا للمشرك أن يدخل مكة المكرمة حيث بيت الله الحرام فقد شوهنا هذه المعالم المقدسة، فلذلك ربنا عز وجل يقول:
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شَاءَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ﴾
[ سورة التوبة : 28]
 بكلمة نجس دقة رائعة، لم يقل نجسون لو قال هم نجسون كل شيء نجس يتطهر، أما قال عز وجل:
﴿إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ﴾
 عين النجاسة، أنت مثلاً بإمكانك أن تطهر قطعةً أصابها بول بالماء سبع مرات، لكن هل بإمكانك أن تطهر البول نفسه؟ هو عين النجاسة، فالمشرك كما وصفه الله عز وجل هو عين النجاسة أينما حل أفسد، أينما حل بحث عن المرأة، أينما حلّ بحث عن الشراب، أينما حل بحث عن الإفساد.
حبط العمل إما أنه سقطت قيمته أو سقط شكله :
 لذلك
﴿مَا كَانَ﴾
 أي مستحيل، أشد صيغ النفي في القرآن الكريم ما كان، أي لا يمكن وغير معقول ولا نرضى ولا نريد ولا نسمح، لأن حركاتهم، وسكناتهم، وسلامهم، ولقاءهم، أساسه الإفساد، إذا التقوا ليحتفلوا بشيء لابد من أن يشربوا نخب هذا المشروع، يضعون الخمر في الكؤوس، هذا احتفالهم بإنشاء بناء، أو بإعمار مؤسسة إلى آخره.
﴿ أُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ وَفِي النَّارِ هُمْ خَالِدُونَ ﴾
[ سورة التوبة : 17]
﴿شَاهِدِينَ﴾
 أي مقرين ومعترفين وذلك بإظهار آثار الشرك والوثنية،
﴿حَبِطَتْ﴾
 ضاعت وذهب ثوابها، أيها الأخوة حبط العمل إما أنه سقطت قيمته أو سقط شكله، العمل السيئ عمل أحبطه الله، والعمل الطيب إذا كان لغرض سيئ فهذا عمل فقد ثوابه، إما أن تفقد شكل العمل الطيب، أو أن تفقد قيمته عند الله عز وجل، لو أن إنساناً فعل عملاً طيباً ولكن بنية خبيثة نقول: حبط عمله، لو أن إنساناً أنشأ ملهى ليفسد الناس، وليجني أرباحاً طائلة من هذا الملهى، نقول: حبط عمله، الذي أنشأ ملهى حبط عمله شكلاً ومضموناً، وسقط عمله في خندق الإفساد، أما من أنشأ مشروعاً طيباً وقال: هذا عمل إنساني، إما هدفه تكوين ثروةٍ طائلة، أنشأ مستشفى والشيء المعلن أنه عمل إنساني، أما الهدف الكبير أن يبتز أموال الناس إلى درجة غير معقولة، إلى درجة تصبح قراءة الحساب تسبب الجلطة، هذا عمل في ظاهره إنساني إلا أنه حينما يسلك أصحابه فيه ابتزاز كبير، واستغلال لحاجة الناس إلى الشفاء والمعالجة، فهذا عمل ظاهره إنساني لكن الله أحبطه أي أسقط قيمته.
إقامة الصلاة الإتيان بها على الوجه الأكمل :
﴿ إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآَتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ ﴾
[ سورة التوبة : 18]
 لمَ لم يقل صلى؟ أقام الصلاة، أنت تقول: أقيم البناء، لا تقول: بني البناء، هناك تمهيدات، هناك شروط، هناك استقامة، ينبغي أن يسبقها، هناك وضوء، هناك طهارة، طهارة الثياب، طهارة البدن، والمكان، واستقبال القبلة، ودخول الوقت، هناك شروط لصحة الصلاة، شروط سلوكية، وشروط شعائرية، فلذلك الله عز وجل قال:
﴿أَقَامَ الصَّلَاةَ﴾
 أي سبق إقامة الصلاة استقامة.
 قال العلماء: إقامة الصلاة الإتيان بها على الوجه الأكمل معتدلةً مقومةً بسائر شروطها وأركانها.
الخشية في اللغة :
﴿وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ ﴾
 أي لم يخف إلا الله، والخشية في اللغة معناها الخوف، هذه بعض معاني الكلمات التي وردت في هذه الآية:
﴿ مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ شَاهِدِينَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ أُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ وَفِي النَّارِ هُمْ خَالِدُونَ* إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآَتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ ﴾
[ سورة التوبة : 17-18]
 المعنى المخالف: إذا كان لا ينبغي للمشرك أن يعمر مساجد الله فهل ينبغي للمؤمن أن يرتاد أماكن المشركين؟ أماكن لهوهم؟ مقاصفهم حيث الاختلاط؟ حيث الخمور؟ حيث الأغاني؟ حيث التفلت؟ كما أنه لا ينبغي للمشرك أن يدخل بيت الله عز وجل كذلك لا ينبغي للمؤمن أن يرتاد أماكن المشركين، لأنه لا يوجد انضباط فيه.
الحكمة من منع الله المشركين من إتيان بيوته :
 لماذا منع الله المشركين من إتيان بيوت الله؟ قال: لأن المشرك في باطنه وظاهره يتناقض مع دين الله وعظمته، لا ينبغي للمشرك أن يرتاد بيوت الله لأنه سيؤذي المصلين، بحركاته، وكلماته، وتصرفاته، وتفلته، أحياناً امرأة سائحة تدخل إلى بيت من بيوت الله بأبهى زينة، بشيء لا يحتمل، الحمد لله عندنا في الشام يعطونها عباءة ترتديها لئلا تؤذي المصلين إذا دخلت إلى بيت من بيوت الله، قال: هؤلاء المشركون ضاعت أعمالهم، وذهب ثوابها وهم في جهنم خالدون، لا يخرجون من النار، ولا يخفف عنهم من عذابها من شيء بسبب كفرهم وإشراكهم، أما عمارة المسجد فإنما تحصل من المؤمنين بالله، المطيعين له، المصدقين باليوم الآخر، الذين يقيمون الصلاة، ويؤتون الزكاة، ويخشون الله حق الخشية، فهؤلاء المتقون لله جديرون بعمارة بيوت الله، وهم أهل الله.
الحكمة من نزول الآية التالية :
 أيها الأخوة، روي أن جماعة من رؤساء قريش أسروا يوم بدر العباس بن عبد المطلب وهو عم النبي، وحول هذه القصة قصص كثيرة، وأكثر الروايات تؤكد أن العباس عم رسول الله قد أسلم سراً في مكة، وكان عين النبي صلى الله عليه وسلم، وكان يرسل له الأخبار تلو الأخبار عن كل شيء يحدث في مكة المكرمة وله علاقة بالمسلمين، ولكن العباس عم رسول الله من حكمته أنه كتم إيمانه لتبقى له هذه المهمة التي خدم بها المسلمين، وتروي الروايات أنه شارك المشركين في موقعة بدر، لماذا شاركهم؟ لئلا يكشف نفسه، فلو كشف نفسه انتهت مهمته، والنبي يعلم إسلامه فلماذا لم يخبر أصحابه بأنه مسلم؟ لأنه لو أخبر أصحابه لأنهى مهمته، إلا أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: "لا تقتلوا عمي العباس"، لو لم يقل ذلك ربما قتله أصحاب النبي لأنه مشرك، لذلك من تتمة هذه القصة أن رؤساء قريش أُسروا يوم بدر، وفيهم العباس بن عبد المطلب، فأقبل عليهم نفر من أصحاب رسول الله فعيروهم بالشرك، وجعل علي بن أبي طالب يوبخ العباس بقتال رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقطيعة الرحم، فقال العباس: تذكرون مساوئنا وتكتمون محاسننا؟ فقالوا: وهل لكم من محاسن؟ قالوا: نعم إنا لنعمر المسجد الحرام، ونحجب الكعبة، ونسقي الحجيج، ونفك العاني، فنزلت الآية:
﴿ مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ شَاهِدِينَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ أُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ وَفِي النَّارِ هُمْ خَالِدُونَ ﴾
[ سورة التوبة : 17]
 يروي بعض أصحاب رسول الله أنه قال في نفسه: ينهانا عن قتل عمه وأحدنا يقتل في الحرب أباه وأخاه، ما فهم توجيه النبي ثم كشف في نهاية المطاف أن العباس بن عبد المطلب كان مسلماً، وكان عين النبي، وقدم للنبي صلى الله عليه وسلم خدمات جليلة، والنبي عليه الصلاة والسلام أبى أن يكشف مهمته، وسمح له أن يشترك مع الكفار في معركة بدر، وقد وقع أسيراً، وأن النبي عليه الصلاة والسلام وجه أصحابه بألا يقتلوا عمه العباس لأنه مسلم، لكن لو أنه قال: لأنه مسلم كشفه، فقال هذا الصحابي: بقيت عشر سنين أتصدق رجاء أن يغفر الله لي سوء ظني برسول الله، حينما قال عليه الصلاة والسلام: "لا تقتلوا عمي العباس" ما قالها عن عصبية بل قالها عن علم، ولكن الحكمة تقتضي أن يقتصر على هذه الكلمة.
مسجد الله هو البيت الحرام من نطق بالشهادة دخله :
 الجمهور قرأ ما كان للمشركين أن يَعمُروا مساجد الله، وقرأ بعضهم أن يُعمروا، يَعمروا ماضيه ثلاثي، أما يُعمروا ماضيه رباعي، أعمر يُعمر، ومعنى أعمر أي أعان على عمارته، يُعمر يعين على عمارة المسجد، أما الجمهور فقرأ: أن يَعمُروا أي أن يساهموا أو أن يزوروا المسجد، والجمهور يقرأ: ما كان للمشركين أن يَعمُروا مساجد الله، وقرأ ابن كثير وأبو عمر: يُعمروا مساجد الله، ومن خلال هذه القراءة قد نستنبط أن مسجد الله هو البيت الحرام.
 مرة كان هناك مناظرة عالمية بين أحد علماء المسلمين وبين أحد كبار علماء النصارى في أمريكا، فسأله أحد الحاضرين: هل بالإمكان أن تكون هذه المناظرة في مكةَ المكرمة؟ أراد هذا السائل أن يجر العالم الذي يناظر هذا القس إلى ذكر هذه الآية:

﴿ إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ
 وكان العالم الجليل ذكياً جداً قال له: أنا عندما قدمت إلى بلدكم أمريكا قدمت كل الوثائق التي طلبت مني، أبرزت وثائق، وقدمت تصاريح، حتى سمح لي بالدخول أما مكة المكرمة فيكفي أن تنطق بلسانك لا إله إلا الله وأهلاً بك في مكة، دخولها سهل جداً يقتضي أن تعلن الشهادة، تعلن الإسلام وأهلاً بك في مكة، فوت عليه أن يجره إلى أن يذكر هذه الآية:
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شَاءَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ
[ سورة التوبة : 28]
من لطائف التفاسير :
1 ـ الله سبحانه وتعالى أطلق المساجد وأراد بهذا الإطلاق مسجداً واحداً :
 أيها الأخوة:(لاحظوا أنه ) من لطائف التفاسير، اللطيفة الأولى: أن الله سبحانه وتعالى أطلق المساجد وأراد بهذا الإطلاق مسجداً واحداً، الحكم الشرعي الآن لا يمكن للمشرك أن يدخل إلى مكة المكرمة، والذين ذهبوا إلى الحج أو العمرة يرون في مدخل مكة طريقاً خاصاً للمسلمين ينتهي بهم إلى مكة، وطريقاً خاصاً ينتهي بغير المسلمين إلى مكان بعيد عن مكة، قال، أطلق الله المساجد وأراد بهذا الإطلاق مسجداً واحداً هو المسجد الحرام على رأي بعض المحققين، وعبر عنه بالجمع لأنه قبلة المساجد وإمامها فهو في علم الأصول من باب إطلاق العموم وإرادة الخصوص، كيف؟
﴿ أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّمَاءِ فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آَذَانِهِمْ مِنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ وَاللَّهُ مُحِيطٌ بِالْكَافِرِينَ ﴾
[ سورة البقرة : 19]
 مستحيل المقصود أصبع واحد أطلقنا الجمع وأردنا الفرد، أحياناً نطلق الخاص على العام،كما في الشاهد مت قوال الله العلي القدير قال تعالى:
﴿ وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآَخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ
[ سورة الأنفال : 60]
﴿قُوَّةٍ
 عام
﴿وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ
 عطفنا الخاص على العام، و أحياناً نعطف العام على الخاص، أحياناً نطلق العام  ، ونقصد الخاص، كل هذا لحكمة(بلاغية )رائعة، فهنا أطلق الله المساجد وأراد بهذا الإطلاق المسجد الحرام على رأي بعض المحققين، وعبر عنه بالجمع لأنه قبلة المساجد كلها وإمامها فهو من باب إطلاق العموم وإرادة الخصوص.
2 ـ العلة الحقيقية في منع المشركين من عمارة بيوت الله هي نفس الكفر لا الشهادة به :
 اللطيفة الثانية، العلة الحقيقية في منع المشركين من عمارة بيوت الله هي نفس الكفر لا الشهادة به، يوجد عندنا حقيقة وعندنا مظاهر لها، المسلم حقيقته أنه آمن بالله، وانصاع إلى أمره، لكن مظهره يصلي، مظهره يغض بصره، مظهره يصوم رمضان، مظهره يؤدي زكاة ماله، هذه مظاهر ولها حقيقة، فالله سبحانه وتعالى في هذه الآية قال:بسم الله الرحمن الرحيم
﴿ مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ شَاهِدِينَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ أُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ وَفِي النَّارِ هُمْ خَالِدُونَ
[ سورة التوبة : 17]
 ذكر العلة أنهم يظهرون الكفر، هناك لكفرهم مظاهر، علامات، ولكن العلماء يقولون: العلة الحقيقية في منع المشركين من عمارة بيوت الله هي نفس الكفر لا الشهادة به، الحكمة من ذلك الإنسان أحياناً ينطوي على كفر أو شرك، لكن لا يبدو منه ما يؤكد هذه الحقيقة، فأنت بين شك ويقين، أما حينما يكفر يسب الدين، مثلاً تكلم شيئاً يؤكد حقيقته، فصار شركه قطعياً، صار كفراً بواحاً، فلذلك علة أن الله ذكر مظاهر الشرك ، ولم يذكر حقيقة الشرك هو أنك إذا أظهرت مظاهر الشرك فقد أكدت حقيقة الشرك، أي الشرك مع مظاهره شرك مقرون بالإقرار، والكفر مع مظاهره كفر مقرون بالإقرار، إنسان ساكت وهو كافر ليس له مظهر أما حينما يسب، حينما يسخر من الصلاة، حينما يسخر من شعائر الله، فسخريته وكلامه وتهجمه دليل أنه أتى بالدليل على أنه كافر.
 وكلكم يعلم أن الكفر كفر اعتقادي،ولكنه ايضا وكفر سلوكي، وكفر كلامي، فالذي يسب الدين وقع في الكفر الكلامي، والذي يمسك بالمصحف ويرميه أرضاً وقع بالكفر السلوكي، والذي يعتقد أن هذا المصحف ليس كلام الله إنه من عند رسول الله، من عند محمد بن عبد الله، هذا كفر اعتقادي، وهذه الأنواع الثلاث من الكفر تخرج الإنسان من ملة الإسلام.
3 ـ أمْر المؤمنين بعمارة المساجد يتناول عمارتها وتنظيفها واعتيادها للعبادة :
 اللطيفة الثالثة، أمر المؤمنين بعمارة المساجد يتناول عمارتها، وترميمها، وتنظيفها، وتعظيمها، ويتناول أيضاً اعتيادها للعبادة والذكر وطلب العلم، أنت مؤمن من أخص خصائص إيمانك أنك تعمر مساجد الله، تسهم في بنائها.
 حدثنا أخ كريم من أن رجلاً من أهل الغنى أراد أن يبني مسجداً في أحد أحياء دمشق، بحث عن أرض مناسبة، وجد أرضاً مناسبة، ومساحتها جيدة، وفاوض صاحبها، صاحبها رجل يعمل حاجباً في مدرسة، ودخله في الشهر ثلاثة آلاف ليرة، وقد ورث هذه الأرض من قريب، ولا يملك من الدنيا إلا هذه الأرض، هذا الثري الذي أراد إنشاء مسجد فاوضه على سعرها، واتفقا على مبلغ قريب من أربعة ملايين، وتم الاتفاق، وقرئت الفاتحة، وكتب هذا الثري شيكاً لصاحب الأرض بمليوني ليرة ، على أن يعطيه الباقي عند الفراغ، بعد أن وقع الشيك وناوله إياه، قال له: الذي أرجوه منك أن نلتقي غداً في الأوقاف، فقال له: لماذا الأوقاف؟ قال: من أجل أن نصرح لها أن هذه الأرض لبناء مسجد، قال: أنت تريد أن تشتري هذه الأرض كي تنشئ عليها مسجداً؟ قال: نعم، قال: هات الشيك، أخذ الشيك ومزقه، قال: أنا أقدمها لله بدلاً منك، وقدمها لوجه الله، هذا ماذا أنفق؟ أنفق ماله كله، عمارة المساجد من أجلِّ الأعمال لأن خير البلاد مساجدها وشرها أسواقها، بالمسجد هناك صلاة، وذكر، ودرس علم، وحقائق تتلى، هذا أنفق ماله كله، يقول هذا الثري: والله ما من وقت شعرت فيه أنني صغير أمام رجل كبير كهذا الموقف، رأى نفسه صغيراً جداً أمام هذا الإنسان الفقير الذي لا يملك من الدنيا إلا هذه الأرض وقدمها من أجل بيت من بيوت الله، ورفض أن يأخذ ثمنها، وقال: أنا أولى منك أن أقدمها لله عز وجل.

أحد أكبر خصوصيات المسلم أنه يعمر مساجد الله :
 لذلك أحد أكبر خصوصيات المسلم أنه يعمر مساجد الله، والمؤمن في المسجد كالسمك في الماء، روحه في المسجد، ترتاح نفسه، ويطمئن قلبه في المسجد، لذلك أمر الله المؤمنين بعمارة المساجد أي إعمارها، وترميمها، وتنظيفها، وتعظيمها، ودخولها للصلاة، والعبادة، والذكر، وطلب العلم.
 هناك معنى ثان: وصونها عما لم تبنَ له من الخوض في أحوال الدنيا، ورد في الأثر:

(( جمعت المال مما حلّ وحرم وأنفقته في حله وفي غير حله، فالهناء لكم والتبعة علي))
 لذلك سيدنا سعد بن أبي وقاص يقول: "ثلاثة أنا فيهن رجل وفيما سوى ذلك فأنا واحد من الناس- من هذه الثلاث - ما سرت في جنازة فحدثت نفسي بغير ما تقول حتى أنصرف منها"، معنى هذا أن الجنازة تخاطبك.
 سمعت عن رجل سجل شريطاً مؤثراً جداً قبل أن يموت، بعد أن مات أوصاهم أن يُسمعوا من حول القبر هذا الشريط، فالميت في القبر والمشيعون حول القبر يستمعون إلى صوت الميت يناديهم: أنا الآن في القبر تحت أطباق الثرى، لا ينفعني مالي، ولا مكانتي، ولا بيتي، ولا أولادي، ولا زوجتي، تركت كل شيء وأنا رهن عملي... أي هذا الميت ألقى كلمة قبل أن يموت بليغة فصيحة، وأوصى أهله أن يُسمعوا المشيعين هذه الكلمة، والحقيقة إن في معالجة جسد خاوٍ لعبرة، وكفى بالموت واعظاً يا عمر.
4 ـ من آمن بالله وأقام الصلاة وأتى الزكاة فعسى أن يكون من المهتدين :
 اللطيفة الرابعة، حينما قال الله عز وجل:
﴿ إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآَتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ
[ سورة التوبة : 18]
 آمن بالله، واليوم الآخر، وأقام الصلاة، وأتى الزكاة، ولم يخشَ إلا الله، واستقام على أمره، قال:
﴿فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ
 عسى تفيد الشك، عسى إذا قالها الله تفيد غلبة الظن وليست قطعاً، لا تعني القطع، عسى أولئك أن يكونوا، فهذا الذي آمن، وعرف الله، واستقام على أمره، وصلى، وصام، وآمن بالله واليوم الآخر، هذا عسى أن يكون من المهتدين، فما قولك بالذي يجاهر بالكفر والعصيان؟
الأحكام الفقهية المستنبطة من هذه الآية :
1 ـ المراد بعمارة المساجد بناؤها وتشييدها وترميم ما تهدم منها :
 الأحكام الفقهية التي يمكن أن تستنبط من هذه الآية:
﴿ إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآَتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ
[ سورة التوبة : 18]
 كثيرة من أبرزها: المراد بعمارة المساجد بناؤها، وتشييدها، وترميم ما تهدم منها، وهذه هي العمارة الحسية يدل عليها قول النبي صلى الله عليه وسلم:
((من بنى لله مسجداً ولو كمفحص قطاة بنى الله له بيتاً في الجنة ))
[ابن ماجه وابن خزيمة عن جابر بن عبد الله] صدق رسول الله صلي الله عليه و سلم
2 ـ المؤمن مأمور بارتياد المساجد والصلاة فيها والذكر فيها وتلاوة القرآن :
 المعنى الثاني: والمراد بعمارتها الصلاة، والعبادة، وأنواع القربات، وطلب العلم، والدليل قوله تعالى:
﴿ فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآَصَالِ
[ سورة النور : 36]
 هذه العمارة المعنوية، فالمؤمن مأمور بعمارة المسجد عمارةً ماديةً من بناء، وترميم، وتأسيس، وتزيين، ومأمور بعمارتها المعنوية من ارتيادها، والصلاة فيها، والذكر فيها، وتلاوة القرآن، وطلب العلم، ومن علامة الإيمان ارتياد المساجد.
 شيء آخر: المراد بالمساجد في هذه الآية كما قال بعض المفسرين: المراد هو المسجد الحرام وحده لأنه المفرد العلم، الأكمل، الأفضل، قبلة المساجد كلها، وسبب النزول يؤيد هذا القول، وهو مروي عن عكرمة أن يعمروا مسجد الله، المقصود به بيت الله الحرام، وقال، آخرون المراد به جميع المساجد لأنه جمع مضاف فيعم ويدخل فيه المسجد الحرام دخولاً أولياً.
 والحقيقة أن الظاهر يفيد التعميم والذين خصصوا اعتمدوا على قراءة.
3 ـ نهي الله تعالى عن تمكين المشركين ، من عمارة بيوت الله :
 الحكم الثالث هل يجوز استخدام الكافر في بناء المساجد؟ أخذ بعض العلماء من الآية أنه لا يجوز أن يستخدم الكافر في بناء مسجد لأنه من العمارة الحسية، وقد نهى الله تعالى عن تمكين المشركين من عمارة بيوت الله، والظاهر جواز استخدام الكافر لأن الممنوع إنما هو الولاية أن يتولى الكافر تسيير أمور المسجد، أما أن يستخدم في عمل كنحت حجارةٍ، أو بناء، أو نجارةٍ، فلا يبدو أن الآية تمنع ذلك، إذا استخدمته كعامل لا يوجد مانع، أما أن تستخدمه كمشرف، كمسير، كموجه، كصاحب قرار فلا يجوز، هذا حكم آخر.
من يسهم في بناء مسجد يسهم في الدعوة إلى الله عز وجل :
 أيها الأخوة، ملخص هذه الآيات من أخص خصوصيات المؤمن عمارة بيوت الله بناءً، وتأسيساً، وترميمياً، وإصلاحاً، وتعظيماً، ومن أخص خصائص المسلم إعمار بيوت الله ارتياداً، وصلاةً، وذكراً، وتلاوة، وطلب علم، وتعليم علم، وخير البلاد مساجدها، وشرها أسواقها، وطوبى لمن كان له سهم في بناء مسجد، لأن كل صلاة تنعقد في هذا المسجد، وكل ذكرٍ، وكل مجلس علم، وكل توبة، في صحيفة الذي بنى المسجد، والذين يقولون: لا كيان بلا أرض، لا دعوة إلى الله بلا مكان، أين ندعو؟ في البيوت، عندك خمسة محلات، ستة محلات، أما بيت الله فيسع خمسة آلاف شخص، لا كيان بلا أرض، لا دعوة بلا مسجد، فالذي يسهم في بناء مسجد يسهم في الدعوة إلى الله عز وجل، وأنا والله أهنئ كل الذين  ،سمح الله لهم  ، وأجرى على أيديهم الخير لبناء المساجد، والعناية بها، والحقيقة في هذا البلد الطيب حركة بناء مساجد تفوق المعقول، أي الذي بني في عشر سنوات من المساجد لم يبنَ في مئة سنة، في مئات السنين سابقاً، وهذا من فضل الله، ودليل أن هناك عودة إلى الله، وأن هناك يقيناً أن خلاصنا في الدين وحده، فكل إنسان ساهم في بناء مسجد، في تأسيس مسجد، في كسوة مسجد، في حلّ مشكلة مسجد، في ترميم مسجد، في إعلاء مسجد، في تعظيم مسجد، في ارتياد المسجد، شجع الناس على حضور مجالس العلم له أجر، ارتادها طالب علم، ارتادها معلماً، ارتداها مصلياً، ارتادها ذاكراً، فأن تكون في بيت الله أحد خصوصيات إسلامك.
والحمد لله رب العالمين و سلاما و صلاة علي سيد المرسلين -->

العمارة الحسية و المعنوية في المساحد

-->
بسم الله الرحمن الرحيم
 الحمد لله رب العالمين، و الصلاة و السلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا، إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا و انفعنا بما علمتنا و زدنا علماً، و أرنا الحق حقاً و ارزقنا اتباعه، و أرنا الباطل باطلاً و ارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، و أدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.
عمارة المساجد :
 أيها الأخوة المؤمنون، مع الدرس السابع من: "آيات الأحكام"، وآية اليوم: عمارة المساجد وهي قوله تعالى:
﴿ مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ شَاهِدِينَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ أُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ وَفِي النَّارِ هُمْ خَالِدُونَ* إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآَتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ ﴾
[ سورة التوبة : 17-18]
 أيها الأخوة الكرام، أن يعمروا من عمارة المساجد، وعمارة المساجد تطلق على عمارة المساجد، وإصلاح المساجد، وتوفير حاجات المساجد، ومرافق المساجد، وخدمات المساجد، وتطلق أيضاً على لزوم المسجد، والإقامة فيه لعبادة الله عز وجل.
العمارة نوعان؛ عمارة حسية وعمارة معنوية :
 العمارة نوعان، عمارة حسية أن نبني البنيان، وأن نطلي الجدران، وأن نؤسس المسجد بما يحتاج، وأن نوفر له مرافقه من إضاءة، وماء، وكهرباء، وتكبير صوت، وفرش، هذه عمارة حسية، وكل من ساهم في إعمار المسجد من هذه الزاوية بنى الله له قصراً في الجنة، المهندسون، العمال، المخططون، المتعهدون، أعضاء الجمعية التي أسست من أجل بناء المسجد، المتبرعون، المساهمون، كل من له نصيب في بناء مسجد، وكسوة مسجد، وتأسيس مسجد، وتوفير الخدمات للمسجد، فهو ممن يعمر مساجد الله، هذا هو المعنى الأول، وقد قال عليه الصلاة والسلام:
((عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: مَنْ بَنَى لِلَّهِ مَسْجِدًا بَنَى اللَّهُ لَهُ مِثْلَهُ فِي الْجَنَّةِ ))
[ متفق عليه عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ]
 إلا أن البناء ورد في آية ثانية:
﴿ فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآَصَالِ ﴾
[ سورة النور: 36 ]
 لم يقل أن تبنى بل أن ترفع، فينبغي أن يكون بيت الله يليق بدين الله، ينبغي أن يكون بيت الله يليق بهذا الدين العظيم، لا ينبغي أن تكون أبنيتنا أكثر رحابةً، وأكثر أناقةً من بيوت الله فهذا دليل تعظيم شعائر الله، ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب، ولكن أن تكون كلفة هذه الزخرفة تساوي بناء مسجدين الأولى أن نبني مسجدين، أحياناً كلفة زخرفة المساجد تساوي بناء مسجد آخر، ونحن في أمس الحاجة إلى مسجد آخر، لذلك ينبغي أن يكون المسجد واسعاً فيه كل حاجات المصلي؛ من إضاءة، ومن فرش، ومن ماء بارد، وماء ساخن في الشتاء، ومن تكبير صوت، من دون إسرافٍ، ومن دون أن تكون الزخرفة تزيد عن كلفة البناء بأكمله.
 العمارة نوعان عمارة حسية وعمارة معنوية وهي أن تأتي إلى بيت الله، بيت الله يجب أن يكون مكتظاً بالمصلين، يجب أن يستقطب كل من حول المسجد، لا أن تجد في مسجد كلف ثمانين مليوناً سبع مصلين في الفجر، والله هذه مشكلة، هذا المسجد عمر بناءً ولم يعمر عبادةً، قال تعالى:
﴿ مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ شَاهِدِينَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ أُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ وَفِي النَّارِ هُمْ خَالِدُونَ ﴾
[ سورة التوبة : 17]
 لأن الكافر والمشرك له عقائد تتناقض مع الإسلام، يعظم شيئاً لا يعظمه الإسلام، فلو سمحت لمشرك أن يأتي بيت الله الحرام لأفسد الدين هناك.
المشرك هو عين النجاسة أينما حلّ أفسد :
 وكما تعلمون الأجانب حينما يأتون إلى بلد هم بحاجة إلى ملهى، بحاجة إلى ناد، بحاجة إلى أن يشربوا الخمر، فإذا سمحنا للمشرك أن يدخل مكة المكرمة حيث بيت الله الحرام فقد شوهنا هذه المعالم المقدسة، فلذلك ربنا عز وجل يقول:
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شَاءَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ﴾
[ سورة التوبة : 28]
 بكلمة نجس دقة رائعة، لم يقل نجسون لو قال هم نجسون كل شيء نجس يتطهر، أما قال عز وجل:
﴿إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ﴾
 عين النجاسة، أنت مثلاً بإمكانك أن تطهر قطعةً أصابها بول بالماء سبع مرات، لكن هل بإمكانك أن تطهر البول نفسه؟ هو عين النجاسة، فالمشرك كما وصفه الله عز وجل هو عين النجاسة أينما حل أفسد، أينما حل بحث عن المرأة، أينما حلّ بحث عن الشراب، أينما حل بحث عن الإفساد.
حبط العمل إما أنه سقطت قيمته أو سقط شكله :
 لذلك
﴿مَا كَانَ﴾
 أي مستحيل، أشد صيغ النفي في القرآن الكريم ما كان، أي لا يمكن وغير معقول ولا نرضى ولا نريد ولا نسمح، لأن حركاتهم، وسكناتهم، وسلامهم، ولقاءهم، أساسه الإفساد، إذا التقوا ليحتفلوا بشيء لابد من أن يشربوا نخب هذا المشروع، يضعون الخمر في الكؤوس، هذا احتفالهم بإنشاء بناء، أو بإعمار مؤسسة إلى آخره.
﴿ أُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ وَفِي النَّارِ هُمْ خَالِدُونَ ﴾
[ سورة التوبة : 17]
﴿شَاهِدِينَ﴾
 أي مقرين ومعترفين وذلك بإظهار آثار الشرك والوثنية،
﴿حَبِطَتْ﴾
 ضاعت وذهب ثوابها، أيها الأخوة حبط العمل إما أنه سقطت قيمته أو سقط شكله، العمل السيئ عمل أحبطه الله، والعمل الطيب إذا كان لغرض سيئ فهذا عمل فقد ثوابه، إما أن تفقد شكل العمل الطيب، أو أن تفقد قيمته عند الله عز وجل، لو أن إنساناً فعل عملاً طيباً ولكن بنية خبيثة نقول: حبط عمله، لو أن إنساناً أنشأ ملهى ليفسد الناس، وليجني أرباحاً طائلة من هذا الملهى، نقول: حبط عمله، الذي أنشأ ملهى حبط عمله شكلاً ومضموناً، وسقط عمله في خندق الإفساد، أما من أنشأ مشروعاً طيباً وقال: هذا عمل إنساني، إما هدفه تكوين ثروةٍ طائلة، أنشأ مستشفى والشيء المعلن أنه عمل إنساني، أما الهدف الكبير أن يبتز أموال الناس إلى درجة غير معقولة، إلى درجة تصبح قراءة الحساب تسبب الجلطة، هذا عمل في ظاهره إنساني إلا أنه حينما يسلك أصحابه فيه ابتزاز كبير، واستغلال لحاجة الناس إلى الشفاء والمعالجة، فهذا عمل ظاهره إنساني لكن الله أحبطه أي أسقط قيمته.
إقامة الصلاة الإتيان بها على الوجه الأكمل :
﴿ إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآَتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ ﴾
[ سورة التوبة : 18]
 لمَ لم يقل صلى؟ أقام الصلاة، أنت تقول: أقيم البناء، لا تقول: بني البناء، هناك تمهيدات، هناك شروط، هناك استقامة، ينبغي أن يسبقها، هناك وضوء، هناك طهارة، طهارة الثياب، طهارة البدن، والمكان، واستقبال القبلة، ودخول الوقت، هناك شروط لصحة الصلاة، شروط سلوكية، وشروط شعائرية، فلذلك الله عز وجل قال:
﴿أَقَامَ الصَّلَاةَ﴾
 أي سبق إقامة الصلاة استقامة.
 قال العلماء: إقامة الصلاة الإتيان بها على الوجه الأكمل معتدلةً مقومةً بسائر شروطها وأركانها.
الخشية في اللغة :
﴿وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ ﴾
 أي لم يخف إلا الله، والخشية في اللغة معناها الخوف، هذه بعض معاني الكلمات التي وردت في هذه الآية:
﴿ مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ شَاهِدِينَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ أُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ وَفِي النَّارِ هُمْ خَالِدُونَ* إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآَتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ ﴾
[ سورة التوبة : 17-18]
 المعنى المخالف: إذا كان لا ينبغي للمشرك أن يعمر مساجد الله فهل ينبغي للمؤمن أن يرتاد أماكن المشركين؟ أماكن لهوهم؟ مقاصفهم حيث الاختلاط؟ حيث الخمور؟ حيث الأغاني؟ حيث التفلت؟ كما أنه لا ينبغي للمشرك أن يدخل بيت الله عز وجل كذلك لا ينبغي للمؤمن أن يرتاد أماكن المشركين، لأنه لا يوجد انضباط فيه.
الحكمة من منع الله المشركين من إتيان بيوته :
 لماذا منع الله المشركين من إتيان بيوت الله؟ قال: لأن المشرك في باطنه وظاهره يتناقض مع دين الله وعظمته، لا ينبغي للمشرك أن يرتاد بيوت الله لأنه سيؤذي المصلين، بحركاته، وكلماته، وتصرفاته، وتفلته، أحياناً امرأة سائحة تدخل إلى بيت من بيوت الله بأبهى زينة، بشيء لا يحتمل، الحمد لله عندنا في الشام يعطونها عباءة ترتديها لئلا تؤذي المصلين إذا دخلت إلى بيت من بيوت الله، قال: هؤلاء المشركون ضاعت أعمالهم، وذهب ثوابها وهم في جهنم خالدون، لا يخرجون من النار، ولا يخفف عنهم من عذابها من شيء بسبب كفرهم وإشراكهم، أما عمارة المسجد فإنما تحصل من المؤمنين بالله، المطيعين له، المصدقين باليوم الآخر، الذين يقيمون الصلاة، ويؤتون الزكاة، ويخشون الله حق الخشية، فهؤلاء المتقون لله جديرون بعمارة بيوت الله، وهم أهل الله.
الحكمة من نزول الآية التالية :
 أيها الأخوة، روي أن جماعة من رؤساء قريش أسروا يوم بدر العباس بن عبد المطلب وهو عم النبي، وحول هذه القصة قصص كثيرة، وأكثر الروايات تؤكد أن العباس عم رسول الله قد أسلم سراً في مكة، وكان عين النبي صلى الله عليه وسلم، وكان يرسل له الأخبار تلو الأخبار عن كل شيء يحدث في مكة المكرمة وله علاقة بالمسلمين، ولكن العباس عم رسول الله من حكمته أنه كتم إيمانه لتبقى له هذه المهمة التي خدم بها المسلمين، وتروي الروايات أنه شارك المشركين في موقعة بدر، لماذا شاركهم؟ لئلا يكشف نفسه، فلو كشف نفسه انتهت مهمته، والنبي يعلم إسلامه فلماذا لم يخبر أصحابه بأنه مسلم؟ لأنه لو أخبر أصحابه لأنهى مهمته، إلا أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: "لا تقتلوا عمي العباس"، لو لم يقل ذلك ربما قتله أصحاب النبي لأنه مشرك، لذلك من تتمة هذه القصة أن رؤساء قريش أُسروا يوم بدر، وفيهم العباس بن عبد المطلب، فأقبل عليهم نفر من أصحاب رسول الله فعيروهم بالشرك، وجعل علي بن أبي طالب يوبخ العباس بقتال رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقطيعة الرحم، فقال العباس: تذكرون مساوئنا وتكتمون محاسننا؟ فقالوا: وهل لكم من محاسن؟ قالوا: نعم إنا لنعمر المسجد الحرام، ونحجب الكعبة، ونسقي الحجيج، ونفك العاني، فنزلت الآية:
﴿ مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ شَاهِدِينَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ أُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ وَفِي النَّارِ هُمْ خَالِدُونَ ﴾
[ سورة التوبة : 17]
 يروي بعض أصحاب رسول الله أنه قال في نفسه: ينهانا عن قتل عمه وأحدنا يقتل في الحرب أباه وأخاه، ما فهم توجيه النبي ثم كشف في نهاية المطاف أن العباس بن عبد المطلب كان مسلماً، وكان عين النبي، وقدم للنبي صلى الله عليه وسلم خدمات جليلة، والنبي عليه الصلاة والسلام أبى أن يكشف مهمته، وسمح له أن يشترك مع الكفار في معركة بدر، وقد وقع أسيراً، وأن النبي عليه الصلاة والسلام وجه أصحابه بألا يقتلوا عمه العباس لأنه مسلم، لكن لو أنه قال: لأنه مسلم كشفه، فقال هذا الصحابي: بقيت عشر سنين أتصدق رجاء أن يغفر الله لي سوء ظني برسول الله، حينما قال عليه الصلاة والسلام: "لا تقتلوا عمي العباس" ما قالها عن عصبية بل قالها عن علم، ولكن الحكمة تقتضي أن يقتصر على هذه الكلمة.
مسجد الله هو البيت الحرام من نطق بالشهادة دخله :
 الجمهور قرأ ما كان للمشركين أن يَعمُروا مساجد الله، وقرأ بعضهم أن يُعمروا، يَعمروا ماضيه ثلاثي، أما يُعمروا ماضيه رباعي، أعمر يُعمر، ومعنى أعمر أي أعان على عمارته، يُعمر يعين على عمارة المسجد، أما الجمهور فقرأ: أن يَعمُروا أي أن يساهموا أو أن يزوروا المسجد، والجمهور يقرأ: ما كان للمشركين أن يَعمُروا مساجد الله، وقرأ ابن كثير وأبو عمر: يُعمروا مساجد الله، ومن خلال هذه القراءة قد نستنبط أن مسجد الله هو البيت الحرام.
 مرة كان هناك مناظرة عالمية بين أحد علماء المسلمين وبين أحد كبار علماء النصارى في أمريكا، فسأله أحد الحاضرين: هل بالإمكان أن تكون هذه المناظرة في مكةَ المكرمة؟ أراد هذا السائل أن يجر العالم الذي يناظر هذا القس إلى ذكر هذه الآية:

﴿ إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ
 وكان العالم الجليل ذكياً جداً قال له: أنا عندما قدمت إلى بلدكم أمريكا قدمت كل الوثائق التي طلبت مني، أبرزت وثائق، وقدمت تصاريح، حتى سمح لي بالدخول أما مكة المكرمة فيكفي أن تنطق بلسانك لا إله إلا الله وأهلاً بك في مكة، دخولها سهل جداً يقتضي أن تعلن الشهادة، تعلن الإسلام وأهلاً بك في مكة، فوت عليه أن يجره إلى أن يذكر هذه الآية:
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شَاءَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ
[ سورة التوبة : 28]
من لطائف التفاسير :
1 ـ الله سبحانه وتعالى أطلق المساجد وأراد بهذا الإطلاق مسجداً واحداً :
 أيها الأخوة:(لاحظوا أنه ) من لطائف التفاسير، اللطيفة الأولى: أن الله سبحانه وتعالى أطلق المساجد وأراد بهذا الإطلاق مسجداً واحداً، الحكم الشرعي الآن لا يمكن للمشرك أن يدخل إلى مكة المكرمة، والذين ذهبوا إلى الحج أو العمرة يرون في مدخل مكة طريقاً خاصاً للمسلمين ينتهي بهم إلى مكة، وطريقاً خاصاً ينتهي بغير المسلمين إلى مكان بعيد عن مكة، قال، أطلق الله المساجد وأراد بهذا الإطلاق مسجداً واحداً هو المسجد الحرام على رأي بعض المحققين، وعبر عنه بالجمع لأنه قبلة المساجد وإمامها فهو في علم الأصول من باب إطلاق العموم وإرادة الخصوص، كيف؟
﴿ أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّمَاءِ فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آَذَانِهِمْ مِنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ وَاللَّهُ مُحِيطٌ بِالْكَافِرِينَ ﴾
[ سورة البقرة : 19]
 مستحيل المقصود أصبع واحد أطلقنا الجمع وأردنا الفرد، أحياناً نطلق الخاص على العام،كما في الشاهد مت قوال الله العلي القدير قال تعالى:
﴿ وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآَخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ
[ سورة الأنفال : 60]
﴿قُوَّةٍ
 عام
﴿وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ
 عطفنا الخاص على العام، و أحياناً نعطف العام على الخاص، أحياناً نطلق العام  ، ونقصد الخاص، كل هذا لحكمة(بلاغية )رائعة، فهنا أطلق الله المساجد وأراد بهذا الإطلاق المسجد الحرام على رأي بعض المحققين، وعبر عنه بالجمع لأنه قبلة المساجد كلها وإمامها فهو من باب إطلاق العموم وإرادة الخصوص.
2 ـ العلة الحقيقية في منع المشركين من عمارة بيوت الله هي نفس الكفر لا الشهادة به :
 اللطيفة الثانية، العلة الحقيقية في منع المشركين من عمارة بيوت الله هي نفس الكفر لا الشهادة به، يوجد عندنا حقيقة وعندنا مظاهر لها، المسلم حقيقته أنه آمن بالله، وانصاع إلى أمره، لكن مظهره يصلي، مظهره يغض بصره، مظهره يصوم رمضان، مظهره يؤدي زكاة ماله، هذه مظاهر ولها حقيقة، فالله سبحانه وتعالى في هذه الآية قال:بسم الله الرحمن الرحيم
﴿ مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ شَاهِدِينَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ أُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ وَفِي النَّارِ هُمْ خَالِدُونَ
[ سورة التوبة : 17]
 ذكر العلة أنهم يظهرون الكفر، هناك لكفرهم مظاهر، علامات، ولكن العلماء يقولون: العلة الحقيقية في منع المشركين من عمارة بيوت الله هي نفس الكفر لا الشهادة به، الحكمة من ذلك الإنسان أحياناً ينطوي على كفر أو شرك، لكن لا يبدو منه ما يؤكد هذه الحقيقة، فأنت بين شك ويقين، أما حينما يكفر يسب الدين، مثلاً تكلم شيئاً يؤكد حقيقته، فصار شركه قطعياً، صار كفراً بواحاً، فلذلك علة أن الله ذكر مظاهر الشرك ، ولم يذكر حقيقة الشرك هو أنك إذا أظهرت مظاهر الشرك فقد أكدت حقيقة الشرك، أي الشرك مع مظاهره شرك مقرون بالإقرار، والكفر مع مظاهره كفر مقرون بالإقرار، إنسان ساكت وهو كافر ليس له مظهر أما حينما يسب، حينما يسخر من الصلاة، حينما يسخر من شعائر الله، فسخريته وكلامه وتهجمه دليل أنه أتى بالدليل على أنه كافر.
 وكلكم يعلم أن الكفر كفر اعتقادي،ولكنه ايضا وكفر سلوكي، وكفر كلامي، فالذي يسب الدين وقع في الكفر الكلامي، والذي يمسك بالمصحف ويرميه أرضاً وقع بالكفر السلوكي، والذي يعتقد أن هذا المصحف ليس كلام الله إنه من عند رسول الله، من عند محمد بن عبد الله، هذا كفر اعتقادي، وهذه الأنواع الثلاث من الكفر تخرج الإنسان من ملة الإسلام.
3 ـ أمْر المؤمنين بعمارة المساجد يتناول عمارتها وتنظيفها واعتيادها للعبادة :
 اللطيفة الثالثة، أمر المؤمنين بعمارة المساجد يتناول عمارتها، وترميمها، وتنظيفها، وتعظيمها، ويتناول أيضاً اعتيادها للعبادة والذكر وطلب العلم، أنت مؤمن من أخص خصائص إيمانك أنك تعمر مساجد الله، تسهم في بنائها.
 حدثنا أخ كريم من أن رجلاً من أهل الغنى أراد أن يبني مسجداً في أحد أحياء دمشق، بحث عن أرض مناسبة، وجد أرضاً مناسبة، ومساحتها جيدة، وفاوض صاحبها، صاحبها رجل يعمل حاجباً في مدرسة، ودخله في الشهر ثلاثة آلاف ليرة، وقد ورث هذه الأرض من قريب، ولا يملك من الدنيا إلا هذه الأرض، هذا الثري الذي أراد إنشاء مسجد فاوضه على سعرها، واتفقا على مبلغ قريب من أربعة ملايين، وتم الاتفاق، وقرئت الفاتحة، وكتب هذا الثري شيكاً لصاحب الأرض بمليوني ليرة ، على أن يعطيه الباقي عند الفراغ، بعد أن وقع الشيك وناوله إياه، قال له: الذي أرجوه منك أن نلتقي غداً في الأوقاف، فقال له: لماذا الأوقاف؟ قال: من أجل أن نصرح لها أن هذه الأرض لبناء مسجد، قال: أنت تريد أن تشتري هذه الأرض كي تنشئ عليها مسجداً؟ قال: نعم، قال: هات الشيك، أخذ الشيك ومزقه، قال: أنا أقدمها لله بدلاً منك، وقدمها لوجه الله، هذا ماذا أنفق؟ أنفق ماله كله، عمارة المساجد من أجلِّ الأعمال لأن خير البلاد مساجدها وشرها أسواقها، بالمسجد هناك صلاة، وذكر، ودرس علم، وحقائق تتلى، هذا أنفق ماله كله، يقول هذا الثري: والله ما من وقت شعرت فيه أنني صغير أمام رجل كبير كهذا الموقف، رأى نفسه صغيراً جداً أمام هذا الإنسان الفقير الذي لا يملك من الدنيا إلا هذه الأرض وقدمها من أجل بيت من بيوت الله، ورفض أن يأخذ ثمنها، وقال: أنا أولى منك أن أقدمها لله عز وجل.

أحد أكبر خصوصيات المسلم أنه يعمر مساجد الله :
 لذلك أحد أكبر خصوصيات المسلم أنه يعمر مساجد الله، والمؤمن في المسجد كالسمك في الماء، روحه في المسجد، ترتاح نفسه، ويطمئن قلبه في المسجد، لذلك أمر الله المؤمنين بعمارة المساجد أي إعمارها، وترميمها، وتنظيفها، وتعظيمها، ودخولها للصلاة، والعبادة، والذكر، وطلب العلم.
 هناك معنى ثان: وصونها عما لم تبنَ له من الخوض في أحوال الدنيا، ورد في الأثر:

(( جمعت المال مما حلّ وحرم وأنفقته في حله وفي غير حله، فالهناء لكم والتبعة علي))
 لذلك سيدنا سعد بن أبي وقاص يقول: "ثلاثة أنا فيهن رجل وفيما سوى ذلك فأنا واحد من الناس- من هذه الثلاث - ما سرت في جنازة فحدثت نفسي بغير ما تقول حتى أنصرف منها"، معنى هذا أن الجنازة تخاطبك.
 سمعت عن رجل سجل شريطاً مؤثراً جداً قبل أن يموت، بعد أن مات أوصاهم أن يُسمعوا من حول القبر هذا الشريط، فالميت في القبر والمشيعون حول القبر يستمعون إلى صوت الميت يناديهم: أنا الآن في القبر تحت أطباق الثرى، لا ينفعني مالي، ولا مكانتي، ولا بيتي، ولا أولادي، ولا زوجتي، تركت كل شيء وأنا رهن عملي... أي هذا الميت ألقى كلمة قبل أن يموت بليغة فصيحة، وأوصى أهله أن يُسمعوا المشيعين هذه الكلمة، والحقيقة إن في معالجة جسد خاوٍ لعبرة، وكفى بالموت واعظاً يا عمر.
4 ـ من آمن بالله وأقام الصلاة وأتى الزكاة فعسى أن يكون من المهتدين :
 اللطيفة الرابعة، حينما قال الله عز وجل:
﴿ إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآَتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ
[ سورة التوبة : 18]
 آمن بالله، واليوم الآخر، وأقام الصلاة، وأتى الزكاة، ولم يخشَ إلا الله، واستقام على أمره، قال:
﴿فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ
 عسى تفيد الشك، عسى إذا قالها الله تفيد غلبة الظن وليست قطعاً، لا تعني القطع، عسى أولئك أن يكونوا، فهذا الذي آمن، وعرف الله، واستقام على أمره، وصلى، وصام، وآمن بالله واليوم الآخر، هذا عسى أن يكون من المهتدين، فما قولك بالذي يجاهر بالكفر والعصيان؟
الأحكام الفقهية المستنبطة من هذه الآية :
1 ـ المراد بعمارة المساجد بناؤها وتشييدها وترميم ما تهدم منها :
 الأحكام الفقهية التي يمكن أن تستنبط من هذه الآية:
﴿ إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآَتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ
[ سورة التوبة : 18]
 كثيرة من أبرزها: المراد بعمارة المساجد بناؤها، وتشييدها، وترميم ما تهدم منها، وهذه هي العمارة الحسية يدل عليها قول النبي صلى الله عليه وسلم:
((من بنى لله مسجداً ولو كمفحص قطاة بنى الله له بيتاً في الجنة ))
[ابن ماجه وابن خزيمة عن جابر بن عبد الله] صدق رسول الله صلي الله عليه و سلم
2 ـ المؤمن مأمور بارتياد المساجد والصلاة فيها والذكر فيها وتلاوة القرآن :
 المعنى الثاني: والمراد بعمارتها الصلاة، والعبادة، وأنواع القربات، وطلب العلم، والدليل قوله تعالى:
﴿ فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآَصَالِ
[ سورة النور : 36]
 هذه العمارة المعنوية، فالمؤمن مأمور بعمارة المسجد عمارةً ماديةً من بناء، وترميم، وتأسيس، وتزيين، ومأمور بعمارتها المعنوية من ارتيادها، والصلاة فيها، والذكر فيها، وتلاوة القرآن، وطلب العلم، ومن علامة الإيمان ارتياد المساجد.
 شيء آخر: المراد بالمساجد في هذه الآية كما قال بعض المفسرين: المراد هو المسجد الحرام وحده لأنه المفرد العلم، الأكمل، الأفضل، قبلة المساجد كلها، وسبب النزول يؤيد هذا القول، وهو مروي عن عكرمة أن يعمروا مسجد الله، المقصود به بيت الله الحرام، وقال، آخرون المراد به جميع المساجد لأنه جمع مضاف فيعم ويدخل فيه المسجد الحرام دخولاً أولياً.
 والحقيقة أن الظاهر يفيد التعميم والذين خصصوا اعتمدوا على قراءة.
3 ـ نهي الله تعالى عن تمكين المشركين ، من عمارة بيوت الله :
 الحكم الثالث هل يجوز استخدام الكافر في بناء المساجد؟ أخذ بعض العلماء من الآية أنه لا يجوز أن يستخدم الكافر في بناء مسجد لأنه من العمارة الحسية، وقد نهى الله تعالى عن تمكين المشركين من عمارة بيوت الله، والظاهر جواز استخدام الكافر لأن الممنوع إنما هو الولاية أن يتولى الكافر تسيير أمور المسجد، أما أن يستخدم في عمل كنحت حجارةٍ، أو بناء، أو نجارةٍ، فلا يبدو أن الآية تمنع ذلك، إذا استخدمته كعامل لا يوجد مانع، أما أن تستخدمه كمشرف، كمسير، كموجه، كصاحب قرار فلا يجوز، هذا حكم آخر.
من يسهم في بناء مسجد يسهم في الدعوة إلى الله عز وجل :
 أيها الأخوة، ملخص هذه الآيات من أخص خصوصيات المؤمن عمارة بيوت الله بناءً، وتأسيساً، وترميمياً، وإصلاحاً، وتعظيماً، ومن أخص خصائص المسلم إعمار بيوت الله ارتياداً، وصلاةً، وذكراً، وتلاوة، وطلب علم، وتعليم علم، وخير البلاد مساجدها، وشرها أسواقها، وطوبى لمن كان له سهم في بناء مسجد، لأن كل صلاة تنعقد في هذا المسجد، وكل ذكرٍ، وكل مجلس علم، وكل توبة، في صحيفة الذي بنى المسجد، والذين يقولون: لا كيان بلا أرض، لا دعوة إلى الله بلا مكان، أين ندعو؟ في البيوت، عندك خمسة محلات، ستة محلات، أما بيت الله فيسع خمسة آلاف شخص، لا كيان بلا أرض، لا دعوة بلا مسجد، فالذي يسهم في بناء مسجد يسهم في الدعوة إلى الله عز وجل، وأنا والله أهنئ كل الذين  ،سمح الله لهم  ، وأجرى على أيديهم الخير لبناء المساجد، والعناية بها، والحقيقة في هذا البلد الطيب حركة بناء مساجد تفوق المعقول، أي الذي بني في عشر سنوات من المساجد لم يبنَ في مئة سنة، في مئات السنين سابقاً، وهذا من فضل الله، ودليل أن هناك عودة إلى الله، وأن هناك يقيناً أن خلاصنا في الدين وحده، فكل إنسان ساهم في بناء مسجد، في تأسيس مسجد، في كسوة مسجد، في حلّ مشكلة مسجد، في ترميم مسجد، في إعلاء مسجد، في تعظيم مسجد، في ارتياد المسجد، شجع الناس على حضور مجالس العلم له أجر، ارتادها طالب علم، ارتادها معلماً، ارتداها مصلياً، ارتادها ذاكراً، فأن تكون في بيت الله أحد خصوصيات إسلامك.
والحمد لله رب العالمين و سلاما و صلاة علي سيد المرسلين