عوامل الوحدة والتنوع فى العمارة العاصرة
ومدى ملائمتها للعصر
( دراسة خاصة بدول المشرق العربى )
ومدى ملائمتها للعصر
( دراسة خاصة بدول المشرق العربى )
- مقـدمـــة :
كانت العمارة على مدى العصور هى المراّة التى تنعكس عليها حضارات الشعوب
بخصائصها الدينية والإجتماعية والثقافية والسياسية التى تتغير من زمان لاّخر ومكان لاّخر صعوداً أو هبوطاً مع حركة التاريخ بمؤثراته الداخلية والخارجية ،ومع حركة الحياة المتغيرة تتطور الخصائص الحضارية للمجتمع يثبت منها ما يثبت ويتغير منها ما يتغير ، وذلك فى وجود خط الربط الحضارى الذى يصل فيما بين المراحل التارخية المتتالية وهو الخط الذى يرسب فى وجدان الإنسان وتكوينه الثقافى أو يظهر فى الخصائص البيئية للمكان أو فى تأثير المادة على البنيان فهو الخط الذى يحدد عوامل الوحدة فى العمارة المحلية لكل مكان .
وإذا كان خط الربط الحضارى يصل بين المراحل التاريخية المتتالية لكل دولة أو مكان فهناك خطوط ربط حضارية أخرى تصل ما بين الدولة المعنية والدول المحيطة بها فى كل مرحلة من مراحل التطور التاريخى وهذا ما يعبر عنه بالمؤثرات الخارجية على الخصائص الحضارية فى كل فترة من الفترات التاريخية وهذه المؤثرات تضعف بضعف وسائل الإتصال الثقافى والسياسي والإجتماعى والإقتصادى وتقوى بقوتها وهنا يمكن متابعة الخصائص المعمارية لكل مرحلة من واقع الخط الحضارى الرابط للمراحل التاريخية لكل منطقة والخطوط العريضة المؤثرة من الخارج فى كل مرحلة .
وتتميز المراحل التاريخية المتتالية بزيادة مضطردة فى معدلات التحول الحضارى وذلك بسبب الطفرات العلمية والتكنولوجية التى تتعرض لها البشرية ، وإذا كانت معدلات التطور فى العصر ما قبل الإسلام بطيئة فإنها بدأت تسرع بزيادة حركة الإتصال بين شعوب المنطقة ، ومن ناحية أخرى زيادة منجزات التكنولوجيا المعاصرة سواء أكانت محلية أو خارجية ، الأمر الذى يجعل عملية التبصر بمستقبل العمارة فى العالم العربى عملية معقدة تتفاعل فيها العديد من العوامل لذلك فإن قرائتنا لتاريخ الحضارة فى منطقة المشرق العربى لابد وأن تتخذ اسلوباً اّخر أو تعتمد على منهج اّخر من المتابعة والتقويم والربط بين الإنسان والعمران فى جميع مراحل تطوره حتى يمكن التبصر بمستقبله .
من هذا المنطلق فإن دراسة هذا الموضوع تتم على أساس ربط المقومات الحضارية فى كل منطقة جغرافية من الشرق العربى على مدى الحقبات التاريخية المتتابعة بالخصائص المعمارية لكل منطقة فى كل حقبة ، لذا فإن الخلفية التاريخية للتطور الحضارى المعمارى فى المنطقة لابد وأن تشمل كل من المكون الدينى للمجتمع ثم المكون السياسى ونظام الحكم ومصادر الدخل والإنتاج ثم المكون التكنولوجى خاصة فى صناعة أو حرفية البناء ثم المكون الخارجى والمؤثرات الدولية واخيراً المكون الجغرافى أو البيئى للمكان ، يلى ذلك متابعة التطور التاريخى فى كل حقبة زمنية لكل من العمارة الشعبية والرسمية والدينية من حيث مكوناتها الوظيفية والإنشائية والتعبيرية أو التشكيلية والعناصر المعمارية والمعطيات التكنولوجية المتوفرة ومع التحول المضطرد فى سرعة التحولات الحضارية فإن الإجمال وارد بالنسبة للمراحل التاريخية الشديدة القدم بحيث يزيد تفصيلاً كلما قربت المرحلة التارخية حتى الوقت الحاضر الذى تظهر فيه المعالم التاريخية والمعمارية أكثر وضوحاً وأشمل تفصيلاً .
والعمارة فى كل المراحل هى الصورة العمرانية التى تتميز بها التجمعات السكنية ، وليست بالضرورة النماذج المختارة للمبانى ذات الأهمية الخاصة التى تشير إليها كتب التاريخ فى كثير من الأحيان فالعمارة هنا هى عمارة المجتمع بكل طبقاته وفئاته ، هى العمارة الشعبية والرسمية معاً ، هى عمارة المعماريين وغير المعماريين معاً.. هى عمارة المدينة وعمارة القرية ، هى العمارة التى تمثل الغالبية العظمى لمجتمع ما فى حقبة زمنية معينة ، والتى من صورتها يمكن إستقراء الخصائص الإجتماعية والإقتصادية والثقافية لهذا المجتمع .
وإذا كان المشرق العربى عاش دولاً متفرقة فى مراحل ماقبل التاريخ وإذا كانت المؤثرات العرضية بين دول هذه المنطقة لم تتضح معالمها إلا فى المراحل المتقدمة من التاريخ حتى ظهور الإسلام ، ليس كمدينة فقط ولكن كحضارة متكاملة متحركة ربطت بين دويلات المنطقة وشعوبها ، هنا تتأكد الخطوط العريضة التى ربطت بين عمارة الشرق العربى فى هذه الفترة التاريخية الهامة وإن كان الخط الحضارى الرابط بين المراحل السابقة فى كل دولة لم ينقطع وفى كل الحالات كان للبيئة المحلية لكل مكان فى المشرق العربى بصماتها المميزة على العمارة المحلية وخاصة العمارة الشعبية التى إرتبطت دائماً بالبيئة الطبيعية فلم تظهر السمات المعمارية المميزة لمرحلة ما بعد ظهور الإسلام إلا فى المراحل المتأخرة عن صدور الإسلام فلم يكن للدعوة الإسلامية فى مراحلها الأولى هدف إلا نشر الدعوة لبناء الإنسان الفاضل قبل بناء العمران أو الجاه والسلطان ، من هنا فإن ربط العمارة بالإسلام فى المراحل التالية للعصر الإسلامى يعتبر من باب الإصطلاح أوالتمييز حيث ظهرت نماذج فريدة من العمارة الدينية فى المساجد أو التجارية فى الأسواق أو التعليمية فى المدارس أو العامة فى الخانات ومبانى الخدمات أو السكنية فى القصور والوكالات ويعنى ذلك إن إقتصار هذا الاصطلاح بربط العمارة بالإسلام على مرحلة فترة زمنية محددة ليس له سند علمى قوى ... فالإسلام كحضارة متحركة تصلح لكل زمان ومكان لم يتوقف بإنتهاء الفترة التاريخية المتميزة... بل هو مستمر كحضارة وإن كانت قد اضعفته بالغزوات الغربية أو الشرقية سواء كانت هذه الغزوات عسكرية أو ثقافية أو اقتصادية الأمر الذى لا تزال تعانى منه منطقة الشرق العربى حتى الأن ، وهو ماتظهر أثاره على العمارة المعاصرة الممثلة لكل المستويات والقطاعات الخاصة والعامة ، فالمؤثرات الخارجية هنا وضحت أثارها على الإنسان العربى قبل أن تظهر على عمارته الأمر الذى يؤكد أن التأثير الحضارى على العمارة يبدأ بعد التأثير الحضارى على الإنسان ، من هنا يتضح المنهج العلمى لهذا البحث فالتبصر بمستقبل العمارة العربية فى المشرق العربى يبنى فى ضوء التبصر بمستقبل الانسان العربى فى هذة المنطقة أولا وبعد ذلك يمكن تصور الملامح المستقبلية للعمارة فيها .
وإذا كان الإسلام الذى ظهر فى منطقة المشرق العربى قد خط خطا عميقاة بين فترتى ما قبل الإسلام وما بعده ، ولما كان الإسلام الذى شمل المشرق العربى كحضارة قد إرتبط بالعربية كلغة ونسب وإنتماء فإن المسمى للعمارة فى المرحلتين التاريخيتين الأساسيتين فى المشرق العربى يمكن أن يكون عمارة فى المشرق العربى قبل الإسلام والعمارة العربية بعد الإسلام حتى اليوم وغدا مادام الإسلام حضارة مستمرة لكل مكان وزمان فى المشرق العربى وهو موضوع الدراسة .
إن الدراسة بهذا المنهج وهذا المفهوم لن تحاول أن تدعو إلى ضرورة العودة إلى المقومات الحضارية للإنسان العربى فى الدولة الإسلامية المعاصرة بهدف تأصيل القيم الحضارية فى العمارة المعاصرة وإتصال ما أنقطع منها بين الماضى والحاضر ولكنها سوف تحاول متابعة المسار الحضارى الذى تأثر به الإنسان فى المشرق العربى مع متابعة المسار الذى تأثرت به العمارة فى هذه المنطقة بهدف إستنباط الملامح المستقبلية لهذا الإنسان ثقافياً وإقتصادياً وإجتماعياً ومن ثم إستباط الملامح المستقبلية للعمارة وظيفياً وإنشائياً وتشكيلياً وتكنولوجياً .
والعمارة فى منطقة المشرق العربى فى الوقت الحاضر كما هو فى كل مكان تتأثر مباشرة بالعديد من العوامل ، فتتأثر العمارة الشعبية بالوعى الحضارى لدى الجماهير وهو يختلف من مكان لاّخر بإختلاف المستويات الثقافية والإجتماعية والإقتصادية معاً ، وهنا تظهر التباينات بين هذه المستويات فى المجتمع العربى فإرتفاع فى المستوى النظامى مصحوب بإنخفاض فى المستوى الإقتصادى وهبوط فى المستوى الثقافى مصحوب بإرتفاع فى المستوى الإقتصادى وهكذا ... وهو ماينعكس بالتبعية على المستوى المعمارى خاصة فى الإسكان الخاص الذى تتجاذبه متطلبات المالك ومستواه الحضارى من ناحية ونزعات المعمارى ومستواه الثقافى والعلمى من ناحية أخرى.
وهكذا تعبر العمارة العربية المعاصرة فى الشرق العربى عن مجموعة كبيرة من التبادل والتوافيق بين هذه المتغيرات وتنمحى بذلك الشخصية العامة التى تتجانس فيها المستويات الثقافية بالمستويات الإقتصادية والإجتماعية عند الجماهير ، وبالتبعية تتجانس المستويات العمرانية شكلاً وموضوعاً .
أما العمارة الرسمية فتتأثر بالوعى الحضارى لدى متخذى القرارات من ناحية والمستوى الثقافى والعلمى للمعمارى من ناحية أخرى بغض النظر عن الجانب الإقتصادى الذى لا يمكن إعتباره عاملاً مؤثراً على المستوى المعمارى من ناحية الشكل أو الأداء .
والمستوى الثقافى والعلمى للمعمارى يتأثر بالتبعية بالمنهج التعليمى الذى سلكه من ناحية والتنظيم المهنى الذى ينتمى إليه من ناحية أخرى قوة أو ضعفاً ، وهذا مجال اّخر لابد من متابعته بين الماضى والحاضر لتحديد ملامح المستقبل .
وبهذا المفهوم تحدد المنهج العلمى لمعالجة هذا الموضوع وبدأت الدراسات التفصيلية لكل منطقة فى المشرق العربى والمناطق هنا قد تحددها المعالم الجغرافية أو الحدود السياسية أو كليهما معاً ، من هنا تم تقسيم الشرق العربى إلى عدة مناطق متميزة حضارياً وهى :-
المنطقة الأولى : مصر والسودان
المنطقة الثانية : سوريا والعراق والأردن وفلسطين ولبنان .
المنطقة الثالثة : السعودية واليمن وحضرموت .
المنطقة الرابعة : الكويت والبحرين وقطر ودولة الإمارات العربية وعمان .
وفى ضوء هذه التقسيمات الجغرافية السياسية بدأ جمع البيانات الأساسية كأساس للتحليل والمقارنة والمتابعة على طول هذه الدراسة .
بخصائصها الدينية والإجتماعية والثقافية والسياسية التى تتغير من زمان لاّخر ومكان لاّخر صعوداً أو هبوطاً مع حركة التاريخ بمؤثراته الداخلية والخارجية ،ومع حركة الحياة المتغيرة تتطور الخصائص الحضارية للمجتمع يثبت منها ما يثبت ويتغير منها ما يتغير ، وذلك فى وجود خط الربط الحضارى الذى يصل فيما بين المراحل التارخية المتتالية وهو الخط الذى يرسب فى وجدان الإنسان وتكوينه الثقافى أو يظهر فى الخصائص البيئية للمكان أو فى تأثير المادة على البنيان فهو الخط الذى يحدد عوامل الوحدة فى العمارة المحلية لكل مكان .
وإذا كان خط الربط الحضارى يصل بين المراحل التاريخية المتتالية لكل دولة أو مكان فهناك خطوط ربط حضارية أخرى تصل ما بين الدولة المعنية والدول المحيطة بها فى كل مرحلة من مراحل التطور التاريخى وهذا ما يعبر عنه بالمؤثرات الخارجية على الخصائص الحضارية فى كل فترة من الفترات التاريخية وهذه المؤثرات تضعف بضعف وسائل الإتصال الثقافى والسياسي والإجتماعى والإقتصادى وتقوى بقوتها وهنا يمكن متابعة الخصائص المعمارية لكل مرحلة من واقع الخط الحضارى الرابط للمراحل التاريخية لكل منطقة والخطوط العريضة المؤثرة من الخارج فى كل مرحلة .
وتتميز المراحل التاريخية المتتالية بزيادة مضطردة فى معدلات التحول الحضارى وذلك بسبب الطفرات العلمية والتكنولوجية التى تتعرض لها البشرية ، وإذا كانت معدلات التطور فى العصر ما قبل الإسلام بطيئة فإنها بدأت تسرع بزيادة حركة الإتصال بين شعوب المنطقة ، ومن ناحية أخرى زيادة منجزات التكنولوجيا المعاصرة سواء أكانت محلية أو خارجية ، الأمر الذى يجعل عملية التبصر بمستقبل العمارة فى العالم العربى عملية معقدة تتفاعل فيها العديد من العوامل لذلك فإن قرائتنا لتاريخ الحضارة فى منطقة المشرق العربى لابد وأن تتخذ اسلوباً اّخر أو تعتمد على منهج اّخر من المتابعة والتقويم والربط بين الإنسان والعمران فى جميع مراحل تطوره حتى يمكن التبصر بمستقبله .
من هذا المنطلق فإن دراسة هذا الموضوع تتم على أساس ربط المقومات الحضارية فى كل منطقة جغرافية من الشرق العربى على مدى الحقبات التاريخية المتتابعة بالخصائص المعمارية لكل منطقة فى كل حقبة ، لذا فإن الخلفية التاريخية للتطور الحضارى المعمارى فى المنطقة لابد وأن تشمل كل من المكون الدينى للمجتمع ثم المكون السياسى ونظام الحكم ومصادر الدخل والإنتاج ثم المكون التكنولوجى خاصة فى صناعة أو حرفية البناء ثم المكون الخارجى والمؤثرات الدولية واخيراً المكون الجغرافى أو البيئى للمكان ، يلى ذلك متابعة التطور التاريخى فى كل حقبة زمنية لكل من العمارة الشعبية والرسمية والدينية من حيث مكوناتها الوظيفية والإنشائية والتعبيرية أو التشكيلية والعناصر المعمارية والمعطيات التكنولوجية المتوفرة ومع التحول المضطرد فى سرعة التحولات الحضارية فإن الإجمال وارد بالنسبة للمراحل التاريخية الشديدة القدم بحيث يزيد تفصيلاً كلما قربت المرحلة التارخية حتى الوقت الحاضر الذى تظهر فيه المعالم التاريخية والمعمارية أكثر وضوحاً وأشمل تفصيلاً .
والعمارة فى كل المراحل هى الصورة العمرانية التى تتميز بها التجمعات السكنية ، وليست بالضرورة النماذج المختارة للمبانى ذات الأهمية الخاصة التى تشير إليها كتب التاريخ فى كثير من الأحيان فالعمارة هنا هى عمارة المجتمع بكل طبقاته وفئاته ، هى العمارة الشعبية والرسمية معاً ، هى عمارة المعماريين وغير المعماريين معاً.. هى عمارة المدينة وعمارة القرية ، هى العمارة التى تمثل الغالبية العظمى لمجتمع ما فى حقبة زمنية معينة ، والتى من صورتها يمكن إستقراء الخصائص الإجتماعية والإقتصادية والثقافية لهذا المجتمع .
وإذا كان المشرق العربى عاش دولاً متفرقة فى مراحل ماقبل التاريخ وإذا كانت المؤثرات العرضية بين دول هذه المنطقة لم تتضح معالمها إلا فى المراحل المتقدمة من التاريخ حتى ظهور الإسلام ، ليس كمدينة فقط ولكن كحضارة متكاملة متحركة ربطت بين دويلات المنطقة وشعوبها ، هنا تتأكد الخطوط العريضة التى ربطت بين عمارة الشرق العربى فى هذه الفترة التاريخية الهامة وإن كان الخط الحضارى الرابط بين المراحل السابقة فى كل دولة لم ينقطع وفى كل الحالات كان للبيئة المحلية لكل مكان فى المشرق العربى بصماتها المميزة على العمارة المحلية وخاصة العمارة الشعبية التى إرتبطت دائماً بالبيئة الطبيعية فلم تظهر السمات المعمارية المميزة لمرحلة ما بعد ظهور الإسلام إلا فى المراحل المتأخرة عن صدور الإسلام فلم يكن للدعوة الإسلامية فى مراحلها الأولى هدف إلا نشر الدعوة لبناء الإنسان الفاضل قبل بناء العمران أو الجاه والسلطان ، من هنا فإن ربط العمارة بالإسلام فى المراحل التالية للعصر الإسلامى يعتبر من باب الإصطلاح أوالتمييز حيث ظهرت نماذج فريدة من العمارة الدينية فى المساجد أو التجارية فى الأسواق أو التعليمية فى المدارس أو العامة فى الخانات ومبانى الخدمات أو السكنية فى القصور والوكالات ويعنى ذلك إن إقتصار هذا الاصطلاح بربط العمارة بالإسلام على مرحلة فترة زمنية محددة ليس له سند علمى قوى ... فالإسلام كحضارة متحركة تصلح لكل زمان ومكان لم يتوقف بإنتهاء الفترة التاريخية المتميزة... بل هو مستمر كحضارة وإن كانت قد اضعفته بالغزوات الغربية أو الشرقية سواء كانت هذه الغزوات عسكرية أو ثقافية أو اقتصادية الأمر الذى لا تزال تعانى منه منطقة الشرق العربى حتى الأن ، وهو ماتظهر أثاره على العمارة المعاصرة الممثلة لكل المستويات والقطاعات الخاصة والعامة ، فالمؤثرات الخارجية هنا وضحت أثارها على الإنسان العربى قبل أن تظهر على عمارته الأمر الذى يؤكد أن التأثير الحضارى على العمارة يبدأ بعد التأثير الحضارى على الإنسان ، من هنا يتضح المنهج العلمى لهذا البحث فالتبصر بمستقبل العمارة العربية فى المشرق العربى يبنى فى ضوء التبصر بمستقبل الانسان العربى فى هذة المنطقة أولا وبعد ذلك يمكن تصور الملامح المستقبلية للعمارة فيها .
وإذا كان الإسلام الذى ظهر فى منطقة المشرق العربى قد خط خطا عميقاة بين فترتى ما قبل الإسلام وما بعده ، ولما كان الإسلام الذى شمل المشرق العربى كحضارة قد إرتبط بالعربية كلغة ونسب وإنتماء فإن المسمى للعمارة فى المرحلتين التاريخيتين الأساسيتين فى المشرق العربى يمكن أن يكون عمارة فى المشرق العربى قبل الإسلام والعمارة العربية بعد الإسلام حتى اليوم وغدا مادام الإسلام حضارة مستمرة لكل مكان وزمان فى المشرق العربى وهو موضوع الدراسة .
إن الدراسة بهذا المنهج وهذا المفهوم لن تحاول أن تدعو إلى ضرورة العودة إلى المقومات الحضارية للإنسان العربى فى الدولة الإسلامية المعاصرة بهدف تأصيل القيم الحضارية فى العمارة المعاصرة وإتصال ما أنقطع منها بين الماضى والحاضر ولكنها سوف تحاول متابعة المسار الحضارى الذى تأثر به الإنسان فى المشرق العربى مع متابعة المسار الذى تأثرت به العمارة فى هذه المنطقة بهدف إستنباط الملامح المستقبلية لهذا الإنسان ثقافياً وإقتصادياً وإجتماعياً ومن ثم إستباط الملامح المستقبلية للعمارة وظيفياً وإنشائياً وتشكيلياً وتكنولوجياً .
والعمارة فى منطقة المشرق العربى فى الوقت الحاضر كما هو فى كل مكان تتأثر مباشرة بالعديد من العوامل ، فتتأثر العمارة الشعبية بالوعى الحضارى لدى الجماهير وهو يختلف من مكان لاّخر بإختلاف المستويات الثقافية والإجتماعية والإقتصادية معاً ، وهنا تظهر التباينات بين هذه المستويات فى المجتمع العربى فإرتفاع فى المستوى النظامى مصحوب بإنخفاض فى المستوى الإقتصادى وهبوط فى المستوى الثقافى مصحوب بإرتفاع فى المستوى الإقتصادى وهكذا ... وهو ماينعكس بالتبعية على المستوى المعمارى خاصة فى الإسكان الخاص الذى تتجاذبه متطلبات المالك ومستواه الحضارى من ناحية ونزعات المعمارى ومستواه الثقافى والعلمى من ناحية أخرى.
وهكذا تعبر العمارة العربية المعاصرة فى الشرق العربى عن مجموعة كبيرة من التبادل والتوافيق بين هذه المتغيرات وتنمحى بذلك الشخصية العامة التى تتجانس فيها المستويات الثقافية بالمستويات الإقتصادية والإجتماعية عند الجماهير ، وبالتبعية تتجانس المستويات العمرانية شكلاً وموضوعاً .
أما العمارة الرسمية فتتأثر بالوعى الحضارى لدى متخذى القرارات من ناحية والمستوى الثقافى والعلمى للمعمارى من ناحية أخرى بغض النظر عن الجانب الإقتصادى الذى لا يمكن إعتباره عاملاً مؤثراً على المستوى المعمارى من ناحية الشكل أو الأداء .
والمستوى الثقافى والعلمى للمعمارى يتأثر بالتبعية بالمنهج التعليمى الذى سلكه من ناحية والتنظيم المهنى الذى ينتمى إليه من ناحية أخرى قوة أو ضعفاً ، وهذا مجال اّخر لابد من متابعته بين الماضى والحاضر لتحديد ملامح المستقبل .
وبهذا المفهوم تحدد المنهج العلمى لمعالجة هذا الموضوع وبدأت الدراسات التفصيلية لكل منطقة فى المشرق العربى والمناطق هنا قد تحددها المعالم الجغرافية أو الحدود السياسية أو كليهما معاً ، من هنا تم تقسيم الشرق العربى إلى عدة مناطق متميزة حضارياً وهى :-
المنطقة الأولى : مصر والسودان
المنطقة الثانية : سوريا والعراق والأردن وفلسطين ولبنان .
المنطقة الثالثة : السعودية واليمن وحضرموت .
المنطقة الرابعة : الكويت والبحرين وقطر ودولة الإمارات العربية وعمان .
وفى ضوء هذه التقسيمات الجغرافية السياسية بدأ جمع البيانات الأساسية كأساس للتحليل والمقارنة والمتابعة على طول هذه الدراسة .
- التفاعلات الحضارية فى عمارة الشرق العربى :
2-1 العمارة العربية المعاصرة فى المشرق العربى تعتبر حصيلة التفاعلات الحضارية التى تمت فى المنطقة على مدى تاريخها الحضارى الطويل ... ويظهر هذا التفاعل فى التقسيم المميز لمعظم التجمعات السكنية فى المنطقة.. حيث تنفصل المدينة القديمة بأسوارها وما بقى من مبانيها التاريخية عن المراحل المعمارية المتتايعة خارج الأسوار وإذا كان هذا التقسيم العام واضحاً فى معظم المدن إلا أنه يختلف فى تفاصيله المعمارية من مدينة إلى أخرى تبعاً لموقعها الجغرافى ومراحل تاريخها السياسى والتكوين الحضارى لمجتمعاتها .
2-2 ومن ناحية أخرى يمكن تقسيم التفاعلات الحضارية فى عمارة الشرق العربى إلى مراحل تاريخية متميزة المرحلة الأولى منها قبل التاريخ وهى مرحلة تهم الاّثريين والمؤرخين أكثر مما تهم المعماريين نظراً للبعد الزمنى الكبير لهذه المرحلة ، ثم المرحلة المتميزة الثانية وهى المرحلة التاريخية قبل الميلاد أو بعده وهى تتكون من مراحل متتالية تتابعت على فترات زمنية طويلة إرتبطت كل مرحلة فى جذورها بالمراحل السابقة وأمتدت اّثارها إلى المراحل التالية وذلك فى تفاعلات حضارية طويلة الزمن عميقة التأثير محدودة المكان ، وهنا تظهر التفاعلات المعمارية المحلية أكثر وضوحاً من التفاعلات الخارجية .
2-3 وتختلف هذه التفاعلات من منطقة جغرافية إلى أخرى تبعاً لتعرضها للتقلبات التاريخية فعندما كانت مصر تتأثر بالحضارة الفرعونية ثم اليونانية والرومانية حتى ظهرت الحضارة الإسلامية تأثرت المناطق المحيطة بها فى السودان جنوباً بالحضارة الفرعونية وشمالاً فى الشام ( فلسطين وسوريا والأردن ولبنان ) ببعض المؤثرات الحضارة الفرعونية ثم بنفس المؤثرات الخارجية للحضارة اليونانية والرومانية حتى ظهور الحضارة الإسلامية وعلى الجانب الشرقى فى أرض ما بين النهرين ظهرت الحضارة الأشورية منفصلة عنها ومتزامنة مع الحضارة الفرعونية ثم تبعتها حضارات أخرى منفصلة ومتزامنة مع الحضارة الفرعونية التى قل تأثيرها شرقاً.. حتى ظهور الحضارة الإسلامية وفى الجزيرة العربية عاشت المنطقة مراحل تاريخية متتالية محدودة الاّثار المعمارية بعيدة عن مؤثرات الحضارات المتزامنة فى مصر والشام أو أرض ما بين النهرين إلى أن ظهرت الحضارة الإسلامية التى تمثل المرحلة المتميزة الثالثة .
2-4 يتضح من التتابع التاريخى أن التفاعلات الحضارية فى عمارة الشرق العربى أخذت الصيغة المحلية إلى أن ظهرت الحضارة الإسلامية كمؤثر عام شمل كل مجتمعات المشرق العربى وبعدها بدأ الإرتباط الحضارى بينها سياسياً وإقتصادياً وإجتماعياً وعمرانياً..بدأت تظهر اّثار التفاعلات الحضارية الإسلامية على عمارة المنطقة بدأ بعمارة المساجد ثم بالعمارة الرسمية حتى العمارة السكنية والشعبية فإنتقلت الملامح المعمارية للدول الإسلامية المتتالية من مراكز الحكم أو الولاية إلى سائر إنحاء الدولة مع إنتقال الإمارة والولاة التابعين لها..وهنا تدخل منطقة المشرق العربى فى حدود الدولة الإسلامية بجناحيها فى الشرق والغرب ، وهكذا تظهر التفاعلات الحضارية فى عمارة المشرق العربى واضحة المعالم بين دول المنطقة فى هذه الفترة التاريخية حتى ظهور الدولة العثمانية وما يتبعها من غزوات وإستعمار سياسى أو إقتصادى أو ثقافى وهو ما يحتل المرحلة المتميزة الرابعة والتى لا تزال اّثارها الجانبية مستمرة حتى الأن .
2-5 وإذا كانت التفاعلات الحضارية فى عمارة المشرق العربى فى المراحل الثلاثة الأولى قد إنحصرت داخل المدن القديمة إلا أن اّثار التفاعلات الحضارية فى المرحلة الرابعة ظهرت اّثارها على عمارة المدن خارج الأسوار ثم إنعكست بعد ذلك على العمارة داخل الأسوار وإزدادات اّثار هذه التفاعلات فى هذه المرحلة مع زيادة السرعة فى وسائل الإتصال سواء على المستوى المحلى للمنطقة أو المستوى الدولى مع العالم الخارجى ، ومع ضعف الإستمرار الحضارى الإسلامى فى هذه المرحلة بدأت المنطقة تتعرض لغزوات حضارية وثقافية أثر الغزوات العسكرية والسياسية إنعكست اّثارها على مختلف جوانب الحياة الإجتماعية والثقافية وفى مقدمتها العمارة حيث إنتقلت إلى المنطقة قادمة من الغرب بأساليب جديدة فى البناء وأنماط جديدة من التصميمات وعناصر جديدة من المفردات المعمارية تجمعت فى القوالب المعمارية التى تميزت بها كل فنرة من هذه المرحلة وصحب ذلك دخول الفكر الغربى إلى العملية التعليمية والمهنية ليس فقط فى التصميم المعمارى بواسطة المعماريين الأجانب ولكن دخل أيضاً فى تكوين المعمارى العربى نفسه سواء فى المدارس المعمارية المحلية أو بالإنتماء إلى المدارس المعمارية الأجنبية فى فرنسا وانجلترا وإيطاليا... وانتقل بذلك الفكر المعمارى الغربى إلى المنطقة ليشكل عمارة المدينة العربية المعاصرة خارج أسوار المدن القديمة وكانت أقرب المصادر المعمارية إلى المنطقة فى فرنسا وإيطاليا واليونان.. حتى انتقلت منها تعابير المهنة وألفاظها .
2-6 وإذا كان هناك وحدة فى التعبير المعمارى فى العصور الإسلامية ربطت بين عمارة الأقطار الإسلامية المختلفة فى المشرق العربى وإن أختلفت فى تفاصيلها المعمارية التى تأثرت بطرق التشييد ومواد البناء التى إستعملت على مر العصور السابقة فإن وحدة التعبير المعمارى فى المرحلة التاريخية الرابعة التى ضعف فيها الإستمرار الحضارى الإسلامى جاءت نتيجة لوحدة المصادر الغربية لوسائل البناء والتشييد مع وحدة المتطلبات الإجتماعية الجديدة التى صاحبت الغزوات الحضارية على المنطقة وكادت تقضى على المقومات الحضارية الإسلامية وإذا كانت وحدة التعبير المعمارى فى العصور الإسلامية المتتابعة قد ظهرت فى المبانى الدينية من المساجد والمدارس فقد ظهرت أيضاً فى المبانى العامة والرسمية كما ظهرت فى العمارة السكنية التى إرتبطت بنسيج عمرانى يعبر عن العلاقات الإنسانية المترابطة للمجتمع فإن وحدة التعبير المعمارى فى العصور اللاحقة والتى ضعف فيها الإستمرار الحضارى الإسلامى ظهر أكثر ما ظهرت على العمارة الرسمية للمبانى العامة كما ظهرت فى العمارة السكنية التى إرتبطت بنسيج عمرانى جديد يعبر عن العلاقات الإنسانية المتحللة للمجتمع بل وساعدت على تفكك هذه العلاقات بالإضافة إلى تدمير وسائل النقل والإتصال الحديث لما تبقى من هذه العلاقات الإجتماعية وبذلك فقدت العمارة العربية أصولها المتوارثة كما فقدت المجتمعات العربية أصالتها الإجتماعية والثقافية .
2-7 والعمارة فى كل المراحل التاريخية التى مرت بها المنطقة هى من صنع الإنسان سواء المكلف من قبل الوالى أو الحاكم ،بالنسبة للمبانى الرسمية والعامة أو المكلف من قبل الفرد صاحب العقار بالنسبة للعمارة الشعبية ، وفى كلا الحالتين يتحرك الإنسان المكلف بالبناء من منطلق رغبات الوالى أو الحاكم أو الفرد صاحب العقار ...وكل يعبر عن متطلباته وتطلعاته من واقع تكوينه الثقافى والحضارى وتبدأ عمليات البناء من صنع الإنسان سواء بيده التى تعبر عن إحساسه بالمادة أو مقدرته التى تظهر فى إتقانه وإخلاصه للعمل وهذا ما تميزت به عصور ما قبل الثورة الصناعية أو سواء بالاّلة التى إبتكرها غيره لمساعدته على أداء عمله فى البناء توفيراً للوقت والجهد والذى أصبح ظاهرة إجتماعية إقتضتها متطلبات السرعة فى الحركة والإنتقال والإتصال ، ومن هنا فإن التفاعل الحضارى بين المعماري والصانع والمادة فى ضوء المستوى الثقافى والحضارى لصاحب العقار مشكلاً فى الصيغة النهائية للعمارة بكلياتها وجزئياتها بعموميتها وتفاصيلها ، فالعمارة إذن هى نتاج مشترك للمعمارى والصانع وصاحب الأرض .
2-2 ومن ناحية أخرى يمكن تقسيم التفاعلات الحضارية فى عمارة الشرق العربى إلى مراحل تاريخية متميزة المرحلة الأولى منها قبل التاريخ وهى مرحلة تهم الاّثريين والمؤرخين أكثر مما تهم المعماريين نظراً للبعد الزمنى الكبير لهذه المرحلة ، ثم المرحلة المتميزة الثانية وهى المرحلة التاريخية قبل الميلاد أو بعده وهى تتكون من مراحل متتالية تتابعت على فترات زمنية طويلة إرتبطت كل مرحلة فى جذورها بالمراحل السابقة وأمتدت اّثارها إلى المراحل التالية وذلك فى تفاعلات حضارية طويلة الزمن عميقة التأثير محدودة المكان ، وهنا تظهر التفاعلات المعمارية المحلية أكثر وضوحاً من التفاعلات الخارجية .
2-3 وتختلف هذه التفاعلات من منطقة جغرافية إلى أخرى تبعاً لتعرضها للتقلبات التاريخية فعندما كانت مصر تتأثر بالحضارة الفرعونية ثم اليونانية والرومانية حتى ظهرت الحضارة الإسلامية تأثرت المناطق المحيطة بها فى السودان جنوباً بالحضارة الفرعونية وشمالاً فى الشام ( فلسطين وسوريا والأردن ولبنان ) ببعض المؤثرات الحضارة الفرعونية ثم بنفس المؤثرات الخارجية للحضارة اليونانية والرومانية حتى ظهور الحضارة الإسلامية وعلى الجانب الشرقى فى أرض ما بين النهرين ظهرت الحضارة الأشورية منفصلة عنها ومتزامنة مع الحضارة الفرعونية ثم تبعتها حضارات أخرى منفصلة ومتزامنة مع الحضارة الفرعونية التى قل تأثيرها شرقاً.. حتى ظهور الحضارة الإسلامية وفى الجزيرة العربية عاشت المنطقة مراحل تاريخية متتالية محدودة الاّثار المعمارية بعيدة عن مؤثرات الحضارات المتزامنة فى مصر والشام أو أرض ما بين النهرين إلى أن ظهرت الحضارة الإسلامية التى تمثل المرحلة المتميزة الثالثة .
2-4 يتضح من التتابع التاريخى أن التفاعلات الحضارية فى عمارة الشرق العربى أخذت الصيغة المحلية إلى أن ظهرت الحضارة الإسلامية كمؤثر عام شمل كل مجتمعات المشرق العربى وبعدها بدأ الإرتباط الحضارى بينها سياسياً وإقتصادياً وإجتماعياً وعمرانياً..بدأت تظهر اّثار التفاعلات الحضارية الإسلامية على عمارة المنطقة بدأ بعمارة المساجد ثم بالعمارة الرسمية حتى العمارة السكنية والشعبية فإنتقلت الملامح المعمارية للدول الإسلامية المتتالية من مراكز الحكم أو الولاية إلى سائر إنحاء الدولة مع إنتقال الإمارة والولاة التابعين لها..وهنا تدخل منطقة المشرق العربى فى حدود الدولة الإسلامية بجناحيها فى الشرق والغرب ، وهكذا تظهر التفاعلات الحضارية فى عمارة المشرق العربى واضحة المعالم بين دول المنطقة فى هذه الفترة التاريخية حتى ظهور الدولة العثمانية وما يتبعها من غزوات وإستعمار سياسى أو إقتصادى أو ثقافى وهو ما يحتل المرحلة المتميزة الرابعة والتى لا تزال اّثارها الجانبية مستمرة حتى الأن .
2-5 وإذا كانت التفاعلات الحضارية فى عمارة المشرق العربى فى المراحل الثلاثة الأولى قد إنحصرت داخل المدن القديمة إلا أن اّثار التفاعلات الحضارية فى المرحلة الرابعة ظهرت اّثارها على عمارة المدن خارج الأسوار ثم إنعكست بعد ذلك على العمارة داخل الأسوار وإزدادات اّثار هذه التفاعلات فى هذه المرحلة مع زيادة السرعة فى وسائل الإتصال سواء على المستوى المحلى للمنطقة أو المستوى الدولى مع العالم الخارجى ، ومع ضعف الإستمرار الحضارى الإسلامى فى هذه المرحلة بدأت المنطقة تتعرض لغزوات حضارية وثقافية أثر الغزوات العسكرية والسياسية إنعكست اّثارها على مختلف جوانب الحياة الإجتماعية والثقافية وفى مقدمتها العمارة حيث إنتقلت إلى المنطقة قادمة من الغرب بأساليب جديدة فى البناء وأنماط جديدة من التصميمات وعناصر جديدة من المفردات المعمارية تجمعت فى القوالب المعمارية التى تميزت بها كل فنرة من هذه المرحلة وصحب ذلك دخول الفكر الغربى إلى العملية التعليمية والمهنية ليس فقط فى التصميم المعمارى بواسطة المعماريين الأجانب ولكن دخل أيضاً فى تكوين المعمارى العربى نفسه سواء فى المدارس المعمارية المحلية أو بالإنتماء إلى المدارس المعمارية الأجنبية فى فرنسا وانجلترا وإيطاليا... وانتقل بذلك الفكر المعمارى الغربى إلى المنطقة ليشكل عمارة المدينة العربية المعاصرة خارج أسوار المدن القديمة وكانت أقرب المصادر المعمارية إلى المنطقة فى فرنسا وإيطاليا واليونان.. حتى انتقلت منها تعابير المهنة وألفاظها .
2-6 وإذا كان هناك وحدة فى التعبير المعمارى فى العصور الإسلامية ربطت بين عمارة الأقطار الإسلامية المختلفة فى المشرق العربى وإن أختلفت فى تفاصيلها المعمارية التى تأثرت بطرق التشييد ومواد البناء التى إستعملت على مر العصور السابقة فإن وحدة التعبير المعمارى فى المرحلة التاريخية الرابعة التى ضعف فيها الإستمرار الحضارى الإسلامى جاءت نتيجة لوحدة المصادر الغربية لوسائل البناء والتشييد مع وحدة المتطلبات الإجتماعية الجديدة التى صاحبت الغزوات الحضارية على المنطقة وكادت تقضى على المقومات الحضارية الإسلامية وإذا كانت وحدة التعبير المعمارى فى العصور الإسلامية المتتابعة قد ظهرت فى المبانى الدينية من المساجد والمدارس فقد ظهرت أيضاً فى المبانى العامة والرسمية كما ظهرت فى العمارة السكنية التى إرتبطت بنسيج عمرانى يعبر عن العلاقات الإنسانية المترابطة للمجتمع فإن وحدة التعبير المعمارى فى العصور اللاحقة والتى ضعف فيها الإستمرار الحضارى الإسلامى ظهر أكثر ما ظهرت على العمارة الرسمية للمبانى العامة كما ظهرت فى العمارة السكنية التى إرتبطت بنسيج عمرانى جديد يعبر عن العلاقات الإنسانية المتحللة للمجتمع بل وساعدت على تفكك هذه العلاقات بالإضافة إلى تدمير وسائل النقل والإتصال الحديث لما تبقى من هذه العلاقات الإجتماعية وبذلك فقدت العمارة العربية أصولها المتوارثة كما فقدت المجتمعات العربية أصالتها الإجتماعية والثقافية .
2-7 والعمارة فى كل المراحل التاريخية التى مرت بها المنطقة هى من صنع الإنسان سواء المكلف من قبل الوالى أو الحاكم ،بالنسبة للمبانى الرسمية والعامة أو المكلف من قبل الفرد صاحب العقار بالنسبة للعمارة الشعبية ، وفى كلا الحالتين يتحرك الإنسان المكلف بالبناء من منطلق رغبات الوالى أو الحاكم أو الفرد صاحب العقار ...وكل يعبر عن متطلباته وتطلعاته من واقع تكوينه الثقافى والحضارى وتبدأ عمليات البناء من صنع الإنسان سواء بيده التى تعبر عن إحساسه بالمادة أو مقدرته التى تظهر فى إتقانه وإخلاصه للعمل وهذا ما تميزت به عصور ما قبل الثورة الصناعية أو سواء بالاّلة التى إبتكرها غيره لمساعدته على أداء عمله فى البناء توفيراً للوقت والجهد والذى أصبح ظاهرة إجتماعية إقتضتها متطلبات السرعة فى الحركة والإنتقال والإتصال ، ومن هنا فإن التفاعل الحضارى بين المعماري والصانع والمادة فى ضوء المستوى الثقافى والحضارى لصاحب العقار مشكلاً فى الصيغة النهائية للعمارة بكلياتها وجزئياتها بعموميتها وتفاصيلها ، فالعمارة إذن هى نتاج مشترك للمعمارى والصانع وصاحب الأرض .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق